نام کتاب : سلافة العصر في محاسن الشعراء بكل مصر نویسنده : ابن معصوم الحسني جلد : 1 صفحه : 117
وبعد فقد وصلت الكراسة العظيمه. الحاوية من الدر نثيره ونظيمه. فما الدراري في أفلاكها. ولا الدرر في أسلاكها. بأبهى من كلماتها في ترصيعها.؟ وأزهي من فقراتها في تسجيعها. ولقد حار المملوك بين ذلك المنظوم والمنثور. فوقف متعجباً حتى تذكر الحديث المأثور. إن من العشر لحكمه. وإن من البيان لسحراً. فعلم أن مثل ذلك ليس إلا في قدرة من سحر بالبيان وسخر بالعقول سخراً. على رسلك يا فارس البلاغه. والأخذ من حسن القول بلاغه. إذا جريت في مضمارك فمن يجاريك. وإذا بريت أقلامك فمن يباريك. فلله شهاب فكرك الذي قد وقد. وأقلامك النافثات في العقود لا في العقد. ما هذا السحر الذي تتلى عنده سورة الفلق. وما هذا النظم والنثر اللذان أصبح منهما البلغاء في قلق. فهلا غضضت من عنانك قليلاً. وأرحت من راح جواد فكره وراءك كليلاً. ولعمري أن البلاغة قد قلدتك مقاليدها. وملكتك طريفها وتليدها. فأنت حميد الكلام ولا أقول عبد حميده. فلو تأخر عصره لكان من أقل خدام فضلك وأذل عبيده. ولا يتوهم المولى أن ذلك من باب المبالغه. في اطراء تلك الكلمات البالغه. والقلم وما يسطرون. لو سمع ما يصفه به أهل البلاغة ويطرون. لعلم أن المملوك موجز. عند ما قيل في ذلك المعجز. فالله تعالى يديمك للبلاغة والبراعه. ويبقى بوجودك وجود الأدب واليراعه. فإن الأدب جسم أنت له روح. ولولاك لأصبح وهو بالعراء مطروح. فراجعني بقوله
يا مهدياً وشي الربيع المزهر ... بل روضة تزهو بحسن المنظر
غناء باكرها الحيا وتفتحت ... أزهارها غب السحاب الممطر
ردّت لنا من نشرها زمن الصبا ... وشممت منها طيب تلك الأعصر
ارتاح سكراً من سلافة لفظها ... وهي المصونة عن خمار المسكر
لله درك من همام بارع ... في كل فن غنية المستخبر
ما هذه الدرر التي أبرزتها ... شبه المجرة في خلال الأسطر
لا غرو إن ساد الأنام بفضله ... من كان ندباً من سلالة حيدر
من معشر شم الأنوف وليدهم ... أدنى محل خطاه فوق المشتري
حاز الموّة والفتوّة والسخا ... والعلم والتقوى وطيب العنصر
فليهنك الشرف الرفيع ومجدك ال ... عالي المنيع وحسن قول المخبر
واسلم ودم في عزة وجلالة ... بادٍ علاك على ممر الأدهر
وصل وصلك الله إلى كل مقام علي. وأجل قدرك حتى يقر بفضلك كل من هو بالفضل ملي. ويعترف بكمالك في كل فن أربابه. ويغترف من علمك أهل ذلك العلم وأصحابه. تقريظك الذي فاق بقريضه كل قريض فائق. وينثره كل نثر رائق. فخجل المملوك من ارساله بالكراسه. وعلم أن ارسالها لم يكن من الكياسه. وقد كان يقدم في ذلك رجلاً ويؤخر أخرى. لعلمه أنها إلى من ترسل وبين يدي من تقرى. وعلى كل حال كما قيل. جهد المقل دموعه. وإلا فمن جمدت طبيعته. وخمدت قريحته. وطال عهده بالمنثور والمنظوم. ومال عن قول الشعر وممارسة العلوم. فجدير أن يستر عواره. ويخفى نثره وأشعاره. ولا يعرضها على من ألقت إليه الفصاحة قيادها. وأعلت به اسنادها. وهو يظهرها تارة في حلبة الأشعار وتارة في كسوة الانشا. ويبرزها طوراً حضريه. وطوراً نجديه. ويتصرف فيها كيف يشا وهي له أطوع من اليد. وأذل من العبد. إن دعاها أجابته. وإن ناداها لبته. وإن أعرض عنها استقبلته وإن هجرها أتته. شعر
فقد ملكتها دون البرايا ... فها هي لا تميل إلى سواكا
وتلقيتها عن آبائك الكرام. المشتهر صيت فضلهم بين العلماء الأعلام. الذين ارتقوا من المجد ذروته. واقتعدوا صهوته. وتناقلت بأحاديث فضله الركبان. وتطاولت لنيل نيلهم أعيان الأعيان. وقد أعطاك الله في شبيبتك من الفضل. ما يحير الفكر ويبهر العقل. ويتمناه الشاب والكهل. ويترجاه أهل العقد والحل. والمرجو والمأمول صون هذا المعترف بعجزه عن تعاطي ما لا يستطيعه من الأمور. فإن تعالى ما لا يستطاع مذموم عند الخواص مستهجن عند الجمهور. وعليك السلام. في المبدا والختام. ما يتعطر به المداد عند تحبيره. ويتخير القلم ابان تحريره. وترتاح الروح عند سماعه. وتنير مرآة النفس وقت انطباعه. والسلام.
نام کتاب : سلافة العصر في محاسن الشعراء بكل مصر نویسنده : ابن معصوم الحسني جلد : 1 صفحه : 117