نام کتاب : سلافة العصر في محاسن الشعراء بكل مصر نویسنده : ابن معصوم الحسني جلد : 1 صفحه : 239
شاعر ناط شعره بالشعرى. وقلد جيد الدهر دراً سماه شعراً. يسخر انتساق نظامه بالعقد الثمين. وتتلوا السن سامعيه إن هذا إلا سحر مبين. وكم فصل ببيانه من الأدب مجملاً. شعر ألذ من السلوى وأطيب نفحة. من المسك مفتوقاً وأيسر محملاً. إلي رقة طبع وخفة روح. ودماثة أخلاق تؤسى بها الجروح. ومجون يسلب الحليم ثوب وقاره. وينسى الخليع كاس عقاره. وتعلق بفنون الألحان. يدير بها من سلاف الطرف ما يهزء بسلاف ألحان. فإذا غدا مترنماً أطرب الناطق والجماد. واهتز له عطف السامع ارتياحاً وماد. ولم يزل موفور الجاه بالديار المصرية. لا سيما عند المشايخ البكرية. حتى قصد الحج لأداء الفرض. وطوى لمشاهدة تلك المشاهد مهامة الأرض. فلما قضى مناسكه وتفته. ولم من وعثاء السفر شعثه. طافت به المنية. طوافه بتلك البنية. فانتقل من جوار بيت الله وحرمه. إلى مقر رحمته وكرمه. وذلك لثمان خلون من محرم الحرام سنة إحدى وألف وقد أثبت له ما يروق السامع والناظر. ويحسد أزهاره الروض الناضر. فمنه قوله
لي في المحبة عن ملام العاذل ... بجمال من أهواء أشغل شاغل
أثرت عيوني بالسهاد وإنما ... دمعي الذي أضحى بوصف السائل
إن غردت ورق الحمائم جددت ... شوقاً أهاج من الغرام بلابل
يأبى غزال أرض نجد داره ... لكن لواحظه عزين لبابل
لدن المعاطف رق موشف ثغره ... فأعجب له من ذايل في ذابل
ولحاظه حفت بأصداغ فيا ... لله من سيف سطا بحمايل
تتطاول الأغصان تحكي قده ... وإلى التناهي مرجع المتطاول
أعيا الفصيح نبات عارضه فقل ... قس الفصاحة من أسارى باقل
وله من قصيدة
بدا بوجه جميل الوصف والشان ... يقول سبحان من بالحسن وشاني
كأنه روضة غناء مزهرة ... من دمع عاشقها تسقي بغدران
أشبهت في حبه ورق الحمى ففدا ... كل يبيت الجوى شجواً على البان
منها
تقول أعطافه لما نشبهها ... بالرمح من قال إن الرمح حاكاني
عطفاي حلوان مما أينعا ثمراً ... فكيف تحكيهما أعطاف مران
وقوله فيمن اسمها شمس الضحى مورياً باسمه
لما وفت شمس الضحى لي ... موعدي وشفت غليلي
ما هدت أي عجيبة ... شمس الضحى عند الأصيل
وقوله في عرب العشير وأجاد في التورية
عن العشير أبعد وكن سالماً ... وكن فتى بالبعد عنهم مشير
عاشرت منهم واحداً خانني ... عهدي وميثاقي فبئس العشير
وقال في مليح يعرف بالمنهلي
يناديك جيد المنهلي إذ أبدا ... تنقل فلذات الهوى في التنقل
وقالت لنا أصحابه في مقاله ... ورد كل صاف لا تقف عند منهل
وقرأت في تذكرته ما نصه قال كنا بخدمة الاستاذ محمد البكري بمنزلة ببولاق أنا وجماعة من فقرائه. وذوي ولائه. فأرسل لكل واحد حصة من الرمان وكنت أنا قد ظهرت من المنزل لقضاء حاجة فلما حضرت أخبرت بذلك فكتبت إليه
مولاي يا أكرم الأنام ومن ... بحار جدوى نداه منصبّه
قد جاء رمانك الورى جملاً ... والعبد ما جاءه ولا حبه
فأرسل منه جملة وافرة وكتب مجيباً
نأمر بالقلب واللسان بما ... يفيض منه غيث العطا صبه
فليس هذا الفقير يعرف من ... ابتاعه مثلكم غدا صبه
فاعذر فلا عتب في الحساب على ... مخطي محسوبة ولا حسبه
فانظر إلى حسن قوله نأمر بالقلب فإنه رمان ثم قال لي احتفظ هذه الرقعه. فإنها لك غاية الرفعه. وهي تشهد علي باعترافي أني لا أعرف أحداً من أتباعي يحبني كمحبتك ويودني كمودتك. وقال أيضاً كنت أنا وشيخنا العلامة نور الدين العسيلي جالسين عنده وقد ذكر في المجلس جماعة من أفاضل الدهر. وأدباء العصر. توفوا في مدة قريبة كالعلامة الفارضي والشهاب النسفي والبرهان المبطل وخلائق آخرون فأنشد بديهة
أقول وقد قيل لي كم مضى ... أديب له حسن نظم جليل
دعوا كل ذي أدب ينقضي ... ويحيى العسيلي ويحيى الأصيلي
نام کتاب : سلافة العصر في محاسن الشعراء بكل مصر نویسنده : ابن معصوم الحسني جلد : 1 صفحه : 239