responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : سير أعلام النبلاء ط الحديث نویسنده : الذهبي، شمس الدين    جلد : 1  صفحه : 236
لنوحده ونعبده، ونخلع ما كان يعبد آباؤنا من الحجارة، وأمرنا بالصدق والأمانة وصلة الرحم -وعدد عليه أمور الإسلام- فصدقناه وَاتَّبَعْنَاهُ، فَعَدَا عَلَيْنَا قَوْمُنَا فَعَذَّبُوْنَا، وَفَتَنُوْنَا عَنْ ديننا، وضيقوا علينا، فخرجنا إلى بلادك واخترناك على من سواك، وَرَجَوْنَا أَنْ لاَ نُظْلَمَ عِنْدَكَ أَيُّهَا المَلِكُ. قالت: فقال: وهل مَعَكَ مِمَّا جَاءَ بِهِ عَنِ اللهِ مِنْ شيء؟ قال جعفر: نعم، وقرأ عليه صدرا من {كهيعص} [مريم: 1] ، فبكى والله النجاشي، حتى أخضل لحيته، وبكت أساقفته، حتى أخضلوا مصاحفهم، ثُمَّ قَالَ النَّجَاشِيُّ: إِنَّ هَذَا، وَالَّذِي جَاءَ بِهِ مُوْسَى لَيَخْرُجُ مِنْ مِشْكَاةٍ وَاحِدَةٍ، انْطَلِقَا، فلا والله لا أسلمهم إليكما ولا يكاد. قالت: فلما خرجا من عنده قال عمرو: والله لآتينهم غدا بما أستأصل به خضراءهم. فقال له ابن أَبِي رَبِيْعَةَ، وَكَانَ أَتْقَى الرَّجُلَيْنِ فِيْنَا: لاَ تفعل، فإن لهم أرحاما. قَالَ: وَاللهِ لأُخْبِرَنَّهُ أَنَّهُم يَزْعُمُوْنَ أَنَّ عِيْسَى عبد. ثم غدا عليه، فقال له ذلك، فطلبنا، قَالَتْ: وَلَمْ يَنْزِلْ بِنَا مِثْلُهَا، فَاجْتَمَعَ القَوْمُ، ثم قال بعضهم لبعض: ما تقولون في عيسى ابن مريم إذا سألكم عنه؟ قالوا: نقول, والله، ما قال الله، كائنا في ذلك مَا كَانَ، فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالَ لَهُم: ما تقولون في عيسى ابن مريم؟ فقال له جعفر بن أبي طالب: نقول: هُوَ عَبْدُ اللهِ وَرَسُوْلُهُ، وَرُوْحُهُ، وَكَلِمَتُهُ، أَلْقَاهَا إلى مريم العذراء البتول. فأخذ النجاشي عُوْداً ثُمَّ قَالَ: مَا عَدَا عِيْسَى مَا قلت هذا العود. فتناخرت بطارقته حوله، فَقَالَ: وَإِنْ نَخَرْتُمْ، وَاللهِ، اذْهَبُوا فَأَنْتُم سُيُوْمٌ بأرضى -والسيوم: الآمنون- مَنْ سَبَّكُمْ غُرِّمَ، مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي دبرا من ذهب، وأني آذيت رجلا منكم، ردوا هداياهما فلا حاجة لي فيها، فَوَاللهِ مَا أَخَذَ اللهُ مِنِّي الرِّشْوَةَ حِيْنَ رَدَّ عليَّ مُلْكِي، فَآخُذَ الرِّشْوَةَ فِيْهِ، وَمَا أطاع الناس فيَّ فأطيعهم فيه. قالت: فخرجا من عنده مقبوحين مردودا عليهما ما جاءا به. قالت: فإنا على ذلك، إذ نزل به رجل من الحبشة ينازعه في ملكه، فوالله ما علمنا حزنًا حزنا قط كان أشد علينا من حزن حزناه عند ذلك، تخوفا أن يظهر ذلك الرجل عَلَى النَّجَاشِيِّ، فَيَأْتِي رَجُلٌ لاَ يَعْرِفُ مِنْ حقنا ما كان النجاشي يعرف منه. فسار إليه النجاشي، وكان بينهما عَرْضُ النِّيْلِ، فَقَالَ أَصْحَابُ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ رَجُلٌ يَخْرُجُ حَتَّى يحضر الوقعة، ثم يأتينا بالخبر؟ فقال الزبير: أنا، فَنَفَخُوا لَهُ قِرْبَةً، فَجَعَلَهَا فِي صَدْرِهِ، ثُمَّ سبح عليها حتى خرج إلى ناحية النيل التي بها يلتقي القوم، ثم انطلق حتى حضرهم، ودعونا الله تعالى للنجاشي، فإنا لعلى ذلك، إذ طلع الزبير يسعى فلمع بثوبه، وهو يقول: ألا أبشروا، فقد ظهر النجاشي، وقد أهلك الله عدوه، ومكن له في بلاده.

نام کتاب : سير أعلام النبلاء ط الحديث نویسنده : الذهبي، شمس الدين    جلد : 1  صفحه : 236
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست