الصنع الجميل ما يلي، لا جرم أن الحر حيث كان حر، وان الدر برغم من جهله وهل كنت إلا حساما انتضاه، قدر أمضاه، وساعد أرتضاه، فإن أغمده فقد قضى ما عليه، وان جوده فذلك إليه، أما انه ما أنثم حده، ولبس جوهو الفرند خده، لا يعدم طبنا يشترطه، ويمينا يخترطه، هذه الصمصامة تقوم على كرها القيامة، طبقت البلاد أخباره، وقامت مقامه في كل أفق آثاره، قاما حامله فنسي منسي، وعدم منهي، كلا لقد فنيت الحقائق وأنهيت تلك العلائق قلم يصحبه غير غرار، ومتن عار، وكلاهما بالغ ما بلغ، ووالغ معه في الدماء أي ولغ، وما الحسن إلا المجرد العريان، وما الصبح إلا الطلق الأصحيان، وما النور إلا ما صادم الظلام، ولا النور إلا ما فارق الكمام، وما ذهب ذاهب، أجزل منه العوض واهب، وممن قضى حق المساهمة في هذه الحال التي التوى عرضها، وتأخر للأعذار القاطعة فرضها، أسف يردد، وارتماض يجدد، وذنوب على الأيام تحصى وتعدد، وحبا اللئام منها تحل وتعقد، فيعلم الله عز وجهه لقد استوفيت فيك هذه الأيام، ونهيت فيه حتى المرن عن الابتسام انتهى، وفي أيام مقامي بالعدوة اتفقت بيني وبين أبي يحي بن محمد بن الحاج سقى الله مصرعه، وأورده منهل العفو ومشرعه، مودة استحكم تواخيها، وشدت أواخيها، وغدونا بها حليفي صفاء وأخلاص، واليفي أخاء واختصاص، والزمان مساعد وصرفه متباعد، والشباب خضل يانع، والدهر مبيع ما هو له اليوم مانع، والدنيا سرو وإيناس، والأرض ظباء وكناس، فوقع بيني وبينه في بعض الأيام تنازع أدى بنا إلى الانفصال، وتعطيل تلك البكر والآصال، ثم نمي إلي عنه قول ضاق به ذرعي، وأجتث منه أصلي وفرعي، فكلما صدني عن الرحلة صممت، ونكثت من عرى التلوي ما كنت أبرمت، وبعد انفصالي علمت أن ذلك القول غدا زورا، ووشي به من غص أن يرانا زائراً ومزورا، فانقشعت تلك المخيلة، وتحركت لوعة مودته الدخيلة، وأكدت تجديد ذلك العهد الرائق، وكف أيدي تلك العوائق، فكتبت إليه: طويل
أكعبه علياء وهضبة سودد ... وروضة مجد بالمفاخر تمطرُ
هنئاً لملك زان نورك أفقه ... وفي صفحتيه من مضائك أسطر
وأنّي لخفاق الجناحين كلّما ... سرى لك ذكر أو نسيم معطّرُ
وقد كان واش هاجنا لتهاجر ... فبتّ وأحشائي جوى تنفطّر