دعوني والأطلال أبكي فإن يكن ... ضلالاً فإني للضلال تبوعُ
وله من أخرى: [كامل]
فتناوحت فيه الرياح مع الضحا ... حتى تبلّ ترابه المزنُ
ويسيل أبطحه وأجزعه معاً ... ويرق ذلك السهل والحزنُ
وله: [وافر]
تقول مطيتي لما راتني ... وبينك لا توادعني فواقا
وقد أخذ السرى مني ومنها ... مأخذ لا نطيق لها مساقا
لقد عنيت بنا النكبات حتى ... لودت كل نائبة فراقا
وله أيضاً: [طويل]
سل الركب عن نجد فإن تحية ... لساكن نجد قد تحملها الركبُ
وإلا فما بال المطي على الدجا ... خفافا وما للريح حرجفها رطبُ
وله أيضاً: [رمل مجزوء]
راقنا النهر صفاء ... بعد تكدير صفائه
كان مثل السيف مدمى ... فنجلوه عن دمائه
أو كمثل الورد غضا ... فهو اليوم كمائه
الأديب أبو الحسن باقي بن أحمد رحمه الله تعالى
شيخ الانقباض، وسهم المعاني والأغراض، لم يكن له ظهور، ولا يوم في الحظوة مشهور، مع أدبه الباهر، ومذهبه الطاهر، ونفسه الزكية، ومنازعه الذكية، فاقتصر على القاضي أبي أمية، ينتدب بربعه انتداب غيلان بأطلال مية، واقتنع بوشله، فاضطلع بعبء تكاليفه على ضعفه وفشله، لم ينتجع سواه، ولم يسترجع إلا من ضيق محله لديه ومثواه، وقد أثبت له ما تستعذبه وتستطيبه، وتعلم به أنه أمام الإحسان وخطيبه، فمن ذلك ما كتب به إلى: [بسيط]
الدهر لولاك ما رقت سجاياه ... والمجد لفظ عرفنا منك معناه
كأن العلى والنهى سراً تضمنه، صدر الزمان فلمّا لحت أفشاهُ
آيات فضلك نتلوها ونكتبها ... في صحة البدر ما أبدى محياه
فأنت عصب وكفّ الدهر ضاربة ... تنبو الخطوب ولا تنبو غراراهُ
وله إلى أبي العباس الغرباقي وقد وافى مرسية فعزم على زوره، وقطف أزهاره ونوره، فإنه من إبداع المجالسة، وإمتاء الموانسة، في حد يستنبل، وكأنه شهاب