كيف لا يزداد قلبي ... من جوى الشوق خبالا
وإذا قلت عليّ ... بهر الناس جمالا
هو كالغصن وكالبدو ... رِ قواماً واعتدالا
أشرق البدر سرورا ... وانثنى الغصن اختيالا
إن من رام سلوي ... عنه قد رامة محالا
لست أسلو عن هواه ... كان رشداً أو ضلالا
قل لمن قصّر فيه ... عذل نفسي أو أطلالا
دون أن تدرك هذا ... يسلب الأفق الهلالا
وكنت بميورقه فدخلها متسماً بالعبادة، وهو أسرى إلى الفجور من خيال أبي عبادة، قد لبس أسمالا، وأنس الناس منه أقوالا لا أعمالا، وسجوده هجود، وإقراره بالله جحود، وكانت له بسواحلها رابطة كان بلوازمها مرتبطا، ولسكناها مغتبطا، سمّاها بالعقيق وسمى إلا جواه، ولا يشوقه إلا هواه، فدخلت عليه يوماً لا زوره، وأرى زوره، فإذا أنا بأحد دعاة محبوبه، ورواة تشبيبه، فقال له كنت البارحة مع فلان بحماه، وذكر له خبراً ورى عنه وعماه، فقال مرتجلا: [وافر]
تنفس بالحمى مطلول روض ... فأودع نشره ريحا شمالا
فصبحت العقيق إلي كسلى ... تجر فيه أردانا خضالا
أقول وقد شممت الترب مسكا ... بنفحتها يمينا أو شمالا
نسيم بات يجلب منك طيباً ... ويشكو من محبتك اعتلالا
ينم إلي من زهرات روض ... حشوت جوانحي منه ذبالا
ولما تقرر عند ناصر الدولة من أمره ما تقرر، وتردد على سمعه انتهاكه وتكرر، أخرجه ونفاه، وطمس رسم فسوقه وعفاه، فأقلع إلى الشرق وهو جار، فلما صار من ميورقة على ثلثة مجار، نشأت له ريح صرفته عن وجهته، وردته إلى فقد مهجته، فلما لحق بميورقة أراد ناصر الدولة أباحته، وإبراء الدين منه وأراحته، ثم أثر صفحة، أخمد لهيب ذلك الحنق ولفحه، وأقام اياماً ينتظر ريحاً تزجيه، ويستهديها لتخلصه وتنجيه، وفي أثناء تلويه لم يتجاسر أحد من إخوانه على أتيانه، وجعلوا أثره كعيانه، فقال يخاطبهم: وافر