إذا الغمامة راحت خاض مساكنها ... حياضها قبل أن تهمي عزاليها
على ذرى شامخ وعرق امتلأت ... كبرا به وهو مملوء بها تيها
له عقاب عقاب الجو حائمة ... من دونها فهي تخفى في خوافيها
ردت مكايد أملاك مكايدها ... وقصرت بدواهيهم دواهيها
أوطأت همتك العلياء هامتها ... لما جعلت العوالي من مراقيها
وقال الفقيه الوزير أبو الحسن على بن ظافر المعروف بابن أبي المنصور يصف قلعة حلب من قصيدة مدح بها الظاهر غازي:
وفسيحة الأرجاء سامية الذرى ... قلبت حسيرا عن علاها الناظرا
كادت لفرط سموها وعلوها ... تستوقف الفلك المحيط الدائر
وردت قواطنها المجرة منهلا ... ورعت سوابقها النجوم أزاهر
شماء تسخر بالزمان وطالما ... بشواهق البنيان كان الساخرا
ويظل صرف الدهر منها خائفا ... وجلا فما شيء لديها حاضرا «1»
ويشوق حسن روائها مع أنها ... أفنت بصحتها الزمان الغابرا «2»
فلأجلها قلب الزمان قد انثنى ... قلقا وطرف الجو أمسى ساهرا «3»
غلابة غلب الملوك فطالما ... قهرت من اغتصب المماليك قاهرا
غنيت بجود مليكها وعلت به ... حتى قد امتطت الغمام الماطرا
فترى وتسمع للغمام ببرقه ... والرعد لمعا تحتها وزماجرا