نام کتاب : مسامرات الظريف بحسن التعريف نویسنده : السنوسي، محمد جلد : 1 صفحه : 440
جلس مرة في جبل المنار قرب الناظور من الجانب الشرقي، ومعه جملة من الأعيان، فمرت بهم في البحر فلوكة بها جمع من كفرة الصيادين للسمك فقال له أحد الحاضرين: إن كنت شريفاً فادع على هؤلاء ليغرقهم الله، فظهرت غيرته، ودعا عليهم بجاه جده، فلم تلبث الفلوكة أن انقلبنت بمن فيها في البحر، ومات جميعهم، وله من هذا الباب وقائع شتى.
وكان المشير الأول يتمين برقيته ودعائه، وللمشير الثاني معه مودة واعتقاد، يتقرب به إلى رب العباد، عليه جرى المشير الثالث مع ما هو عليه من التعظيم عند الخاصة والعامة.
وعند وفاة الشريف محمد ابن الوزير العربي زروق عن وكالة زاوية الشيخ سيدي أبي سعيد الباجي رضي الله عنه قدمه المشير الثالث لها مع النظر على جبل المنار في ربيع الأول سنة أربع وثمانين.
ثم لما توفي ابن عمه المحسني المحمودي قدمه المشير المذكور للنيابة إماماً ثالثاً بجامع الزيتونة في الثامن عشر من شهر رمضان المعظم سنة 1284 أربع وثمانين ومائتين وألف، ولازم الجامع للإمامة وواظب على رواية صحيح البخاري كل يوم ثم لما توفي ابن عمه المحسني المحمدي قدمه المشير الثالث خليفة في السادس عشر من ربيع الأول سنة 1289 تسع وثمانين، واستولى عند ذلك الشيخ أبو الحسن على العفيف نائباً عنه.
واستمر الخليفة المذكور قائماً بصلوات الجامع في أول الوقت، حاملاً أعباء الخطبة والإمامة مدة مرض الإمام الأكبر إلى أن توفي الإمام النيفري فقدمه المشير إماماً أكبر بجامع الزيتونة في التاسع والعشرين من ذي القعدة الحرام سنة 1290 تسعين ومائتين وألف، وجعل خليفته الشيخ أبا الحسن علي العفيف، وقدم ابن عمه الشيخ أحمد بن حمدة الشريف إماماً ثالثأن فنهض الإمام الأكبر الشريف صاحب الترجمة للجامع، وشمر على ساعد الجد في تنظيمه والبحث عن أوقافه، وأجرى الأمور على أحسن وجه، وقام بالخطبة قياماً كلياً بحيث أنه يحضر رواية البخاري كل يوم الثلاثة الأشهر، وهو مقيم في جبل المنار في حر الصيف حتى تيسر له ختم رواية صحيح البخاري في 26 شهر رمضان سنة 1296 ست وتسعين، ومهما اتفق احتباس المطر وخرج للاستسقاء إلا ورجع باليل، وإن لم يصبها وابل فطل.
[قراءة البخاري عند الأزمة]
وهو أول من جمع الناس لختم البخاري في مجلس واحد للاستغاثة ودفع الكروب وذلك أواسط جمادى الولى سنة 1298 ثمان وتسعين، فحضر بجامع الزيتونة عند باب الشفاء، واحضر نسخة من صحيح البخاري مجزأة عشرين جزءاً في غاية الضبط والصحة، وجمع معه تسعة عشر مدرساً من علماء جامع الزيتونة ليروي كل واحد جزءاً كاملاً في ذلك المجلس، فحضرنا هنالك قبل الزوال بأربع ساعات، واستمر بنا على رواية الصحيح المذكور إلى مضي ساعة من الزوال فتمت روايته في خمس ساعات من يوم الأحد الثامن عشر من جمادى الأولى سنة 1298 ثمان وتسعين، وقد واظب الشيخ مدة على ذلك مع ذكر الاسم اللطيف وأدعية مدة استمرت إلى منتصف جمادى الثانية يحضر معه في كل يوم بعض المدرسين ويتلو بينهم في آخر المجلس استغاثات مناسبة للحال.
وقد تقدم في أثناء تدرجه في مراقي الإمامة إلى خطة الإفتاء بمذهب مالك، فتقدم مفتياً سادسأن تاسع شعبان الأكرم سنة 1285 خمس وثمانين ومائتين وألف ونقش على ختمه بيتين من نظمه وهما قوله: [الرجز]
أدعوك ربي باسمك اللطيف ... ومن أتى بالشرع والتكليف
امننْ برشدِ عبدك الضعيف ... محمدِ بن أحمد الشريف
ولما توفي الشيخ محمود قابادو صار مفتياً خامسأن ولما توفي الشيخ صالح النبفر صار مفتياً رابعأن ولما توفي الشيخ علي العفيف صار مفتياً ثالثأن فهو اليوم إمام جامع الزيتونة والمفتي الثالث بالمجلس الشرعي، معتكف على القيام بوظيفته، ملازم لرواية صحيح البخاري في بيته، مع الاعتناء بتصحيحه وضبطه بشروحه، حتى ختمه مراراً كثيرة، كما ختم الشفاء كثيرأن وله مزيد تحر واعتناء بانتقاء بدائع الخطب وضبطها على الوجه الأتقن، وقد تقدم في الطريقة التجانية، ولقنها لكثير من المريدين، وقام بأورادها مع ما له من الأذكار، التي يلازمها بالليل والنهار، والتبتل للعزيز الجبار، على طريق الأخيار، من أصحاب الأسرار، رضي الله عنه.
نام کتاب : مسامرات الظريف بحسن التعريف نویسنده : السنوسي، محمد جلد : 1 صفحه : 440