وله من المؤلفات والتحريرات والمسودات أشياء كثيرة بخطه وغير خطه. وعلى هوامش الكتب، من ذلك قطعة مسودة على البخاري.
وكان مدرس العادلية الصغرى، وكان خطيباً بجامع منجك الذي بمسجد الأقصاب خارج دمشق. وكان شيخ القراء بدمشق.
توفي ليلة الثلاثاء 27 ذي الحجة سنة 1071 ودفن بتربة الغرباء في مقبرة باب الفراديس.
هذا وكان معظم انتفاعي منه وتخرجي عليه من قراءة الرسائل والمؤلفات والمقدمات في غالب العلوم مثل: الجزرية والآجرومية وشروحهما المشهورة كالقاضي زكريا وغيره والشاطبية، والألفية لابن مالك وجميع ما يوجد من شروحها، وما يوجد من شروح الشاطبية كالجعبري وأبي شامة والهمداني والفاسي والأندلسي وشعلة وابن القاصح وغيرها من الشروح مما يوجد. وأيضا قرأت عليه لطائف الإشارات للقسطلاني في الأربعة عشر، وأجازني بما فيه.
وقرأت عليه إفراداً وجمعاً، وقرأت عليه عرضا ختمين كاملين أحدهما للسبعة من طريق الشاطبي، وللثلاثة من طريق الدرة. وأجازني بجميع كتب خاتمة المتأخرين الشيخ شمس الدين محمد بن محمد بن محمد الجزري ورسائله كالنشر وطيبته والتقريب وباقي تآليفه، وبالقراءة والإقراء من هذه الطرق أيضا، ومقدمات الفقه كدليل الطالب للشيخ مرعي الحنبلي وزاد المتقنع للشيخ موسى الحجاوي وغيرهما من المقدمات، وكتاب منتهى الإرادات، وكتاب الإقناع ومفردات الحنابلة وغير ذلك من كتب الفقه للمتقدمين والمتأخرين، وحواشي الكتابين المرقومين وشروحهما للشيخ منصور البهوتي الحنبلي وغيره، ومن كتب الحديث رواية قراءة للبعض وسماعا وعرضا وإجازة وحضورا كالبخاري ومسلم، وغالب الكتب المسطرة آنفا، وأجازني بجميع ما انطوى عليه ثبته الذي صنفه في حياته بالتماس من الشيخ إبراهيم الكوراني من كتب الحديث والقراءات والفقه وغيرها، وكذلك ألفية العراقي في المصطلح وشروحها وغير ذلك مما يطول ذكره، والمانع من استيعاب ذلك كثرة الاشتغال وضيق الأوقات.
وعلى كل حال فقد رباني حق التربية، وأدبني حق التأديب، وخرجني أحسن التخريج، وأحسن إلى غاية الإحسان، لم يبق شيئا من أنواع الإكرام إلا وقام به حق القيام. فجزاه الله تعالى ووالدتي خير ما جازى أبوين عن ولدهما. وأجزل الله له ولها الثواب. إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين أمين يا جواد يا رؤوف يا رحيم.
وقد أجزت كل واقف على هذه المشيخة بجميع ما انطوى عليه ثبته المذكور من كتب الحديث والتفسير والفقه والقراءات وكتب العربية بأسانيدها إلى مؤلفيها، وبما انطوى عليه من الآثار والأخبار والحكايات والظرف والنكات والله سبحانه وتعالى أعلم.
الشيخ محمد بن يحيى الخباز
البطنيني
ومنهم الشيخ محمد بن يحيى بن أحمد بن علي بن محمد بن محمد ابن محمد الخباز المعروف بالبطنيني الدمشقي الشافعي المحدث الفقيه الورع الصالح الناسك. كان في غاية الورع والصلابة في إنكار المنكر. كان في بداية أمره خبازا بدمشق مع طلب العلم، يحفظ المنظومات حال تعاطي الخبازة، ثم ارتحل إلى مصر وجاور بجامع الأزهر سنين، وأخذ عن الشيخ سلطان المزاحي ومحمد البابلي، وأحمد القيلوبي ومن عاصرهم من طبقتهم، وعن الشمس الميداني والنجم الغزي ومعاصريهم جميعا، وبعد مجاورته في الديار المصرية عاد إلى الشام ودرس في جامع بني أمية في غالب الفنون. وله من التحريرات والمباحثات والتدقيقات والتفريعات خصوصا في الفقه اليد الطولى في ذلك. وما رأت عيناي مثله في ذلك، وأخذت عنه جماعات كثيرة من أهل الشام وغيرهم من هنود وأكراد ونجديين وآفاقيين رسائل وتآليف. وجلس تحت قبة النسر بعد المرحوم الشيخ محمد المحاسني وانتهت إليه رئاسة الشافعية والتحديث وتوفي سنة 1075.
وحضرته في كتاب الشفا للقاضي عياض وصحيح البخاري ومسلم وألفية العراقي في المصطلح وشروح الورقات في الأصول، وشرح جمع الجوامع مع قراءته للآيات البينات. وقرأت عليه كثيرا من كتب العربية كالألفية لابن مالك وشروح القطر والشذور وغيرها، مع حضوري غالب دروسه الحديثية في المصطلح أيضا كشيخ الإسلام والعراقي لمؤلفها على الألفية والسخاوي عليها وكتب المعاريج ليلة المعراج وغيرها. وانتفعت منه كثيرا.
الشيخ منصور بن علي السطوحي المحلي