ثم بعده روح لهم دفتر دار ولا ذبل منهم شيئاً وأما عساكر الحجاز التي وصلت مصر قبل إبراهيم باشا حسن بيه الذي صار في مكة وعابدين بيه الذي صار في اليمن فسيرهم محمد علي قبل هذا الحرب موره وجريد لما خرجوا على السلطان، فاستمده السلطان على حربهم، فأمده بهذين العسكرين، فهلكوا عن آخرهم، ولم يفلت منهم عين تطرف، وذلك أن مورة وجريد في الأصل ولاية للسلطان، فخرجوا عليه، فهلك من عسكر السلطان والعساكر المصرية في حربهم ما لا يحصى، وهذه عقوبة أجراها الله عليهم بسبب ما جرى منهم على أهل الإسلام، حتى "العرناووط" في جبلهم عصوا على السلطان قبل حادثة "مورة" "وجريد".
وبعد هذا الأمر اشتد الأمر على السلطان، وبعث يستنصر محمد علي، فبعث لهم عسكراً كبيرهم "قار علي" فهلكوا في البحر قبل أن يصلوا، ثم إن السلطان بعث "نجيب أفندي" لمحمد علي يطلب منه أن يسير بنفسه، فبعث إليه يعتذر بالمرض، وأن إبراهيم باشا يقوم مقامه، وقبل ذلك بعث حسين بيه الذي سبا أهل نجد، وقتل منهم البعض في ثرمدا، وفزع للسلطان قبل روحة إبراهيم باشا بعسكره الذي كان معه في نجد، وتبعه إبراهيم باشا يمده، ونزلوا "مورة" لحرب أهلها، فأذلهم الله لهم، فقتلوا فيهم قتلاً عظيماً.
فأما عسكر حسين بيه فلا قدم مصر منه إلا صبي.
وأما إبراهيم باشا فاشترى نفسه منهم بالأموال، فانظر إلى هذه العقوبات العاجلة التي أوقعها الله على الآمر والمأمور، وأكثر الناس لا يدري بهذه الأمور.
وهذا الذي ذكرناه فيه عبرة عظيمة، وشاهد لأهل هذا الدين أن الله لما سلط عليهم عدوهم، ونال منهم ما نال، صار العاقبة السلامة والعافية لمن ثبت على دينه، واستقام على دين الإسلام.
ثم إن الله تعالى أوقع بعدوهم ما ذكرنا وأعظم، لكن ذكرنا الواقع على سبيل الاختصار لقصد الاعتبار {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ} ثم