الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيداً. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقراراً به وتوحيداً، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً مزيداً.
أما بعد ... فإنه كان من الواجب علينا احترام علمائنا في حدود المشروع كما قال تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} وقال تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} . وقال صلى الله عليه وسلم: "وإن العلماء ورثة الأنبياء. وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب "، ولا سيما العلماء المجددون لدين الله والدعاة المخلصون إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن –فكان حقهم علينا الاقتداء بهم واحترامهم والترحم عليهم، والدعاء لهم لقاء ما قاموا به من الواجب وما بينوه من الحق وردوا من الباطل- إلا أننا نجد بدلاً من ذلك من بعض حملة الأقلام والمتطفلين على العلم والتأليف من يكيل التهم في حقهم ويرميهم بما هم بريئون منه ويحاول صرف الناس عن دعوتهم بدافع الحقد أو سوء الاعتقاد –أو الاعتماد على ما يقوله أعداؤهم وخصومهم- ومن ذلك أني قد اطلعت على كتاب بعنوان تاريخ المذاهب الإسلامية في السياسة والعقائد، وتاريخ المذاهب الفقهية، للشيخ محمد أبي زهرة، تعرض فيه لإمامين عظيمين وداعيين إلى الله مخلصين هما: شيخ الإسلام ابن تيمية وشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمهما الله، ووجه ضدهما نفس التهم التي يروجها ويرددها أعداؤهما المظلون في كل زمان، حيث تروعهما دعوة الإصلاح