نام کتاب : نفحة الريحانة ورشحة طلاء الحانة نویسنده : المحبي، محمد أمين جلد : 1 صفحه : 134
ومذ همَّ يَحسوها ترفَّع جِيدُه ... فبَان لنا صبحٌ وما غَرب الشَّفَقْ
وكتبت إليه أستدعيه إلى روض: طلع علينا هذا اليوم في نضارته، يكاد صحوه يمطر من غضارته.
فلقينا زهره، ونظمنا نثره.
في روضٍ وُشِّيَ بخسْرَوانيّ الدِّيباج، وغُشِّيَ بما يربو على أصناف الجواهر في الابتهاج.
فمن نورٍ مُدَرْهمُه بَهِج، وزهرٍ مُدنره رَهِج.
يُضاحِك دُرَّه مُرجانه، ويعبق بصائِك المسك أردانهُ.
وللنَّسيم فيه اعتلالُ إشفاق، إذا ما رقد المخمور فيه أفاق.
والرَّوضُ رطبُ الثَّرى طيِّب المَقِيل، وليس فيه غير رِدفِ الساقي ثقيل.
ولم نعدم نَدامَى بألفاظٍ عِذاب، كأنها قَنْد مُذاب.
معرفتهم بأغصان القُدود، وتُفَّاح الخدود.
لا بالنِّصول الحِداد، والقِسِيِّ الشِّداد.
ولديهم من الفُكاهة، ولُطف البداهة.
ما إذا جُلِيَ فما الرَّاح والتُّفاح، وما ريحان الأصداغ إذا فاح.
وإن شاءوا ألحقوها بحِكَمٍ مَتْلُوَّة، وأخبارٍ في صحف الإحسان مَجْلُوَّة.
وعندنا لحنٌ يُثير الشَّجَن، ويبعث من الشوقِ ما أجَنّ.
وحبيبٌ قرب من عهد الصِّقال خدُّه، فلم يجفَّ ريحانه ولم يذوِ وردُه.
يزلُّ عن خدِّه الذَّرُّ فلا يعلق، ويمشي عليه النملُ فيزلق.
وقد تمنَّينا فلم نجدْ غيرَك أُمنِية، ولا مثل آدابِك غَضَّة جنيَّة.
وعلمنا أنه ليس للأُنس مع غيبك بهجة، ولا للعيش دون لقاك مُهجة.
فبالله إلا ما أنجَحْتَ الأوطار، وفتحتَ بمذاكرتك عن جَونة العطَّار.
ولك الثَّناء الذي يتجمَّل به الدهر، ويتفتَّق ريَّاه عن الروضِ فاح فيه أريجُ الزَّهْر.
السيد سليمان، المعروف بالحموي الكاتب حرفته الدواة والقلم، ولديه البراعة تُلْقَى أعِنَّةُ السَّلم.
وله طبع سبكتْ تِبرهُ الأيام، وصقلتْ حديد ذهنِه من صَدإِ الأوهام.
بوجهٍ فيه الفلاح يتوسَّم، كأنه دُرٌّ يوقِده ثغرٌ تبسَّم.
وقد أوقفني من شعره على مُلح غضَّةِ الشُّفوف، فجرَّدتْ منها كلَّ بيتٍ كأنَّ الحسنَ عليه موقوف.
فمن ذلك قوله في الغزل:
قم يا نديمي نُباكِر القَدحا ... أما ترى الصبح زَنْدَه قدَحا
والجوُّ صافي الأدِيم من كدَرٍ ... صَفْوَ امرِئ في وِدادِه نصَحا
وقام من فوق أيكةٍ غَرِدٌ ... يُذْكرنا بالصَّبُوح إذ صدحَا
وقد أهاجتْ لنا الصَّبا شَجَناً ... بنشرِها العنبرِيِّ إذ نفَحَا
فحركتْ ساكنَ الفؤاد وما ... أسْأرَه الوجدُ فيه والبُرَحا
والدهْر أبْدى الرِّضا وجادَ لنا ... بفرصة والرقيبُ قد نَزَحا
فانهَض لنقضِي من الصِّبا وطَراً ... في غَفلةِ اللائمينَ والنُّصَحا
وعاطِني قرْقفاً معتَّقةً ... صهباءَ تنفِي الهمومَ والتَّرحَا
من كفِّ ظبْيٍ كأنما غفِلتْ ... أعين رِضوانَ عنه مذ سَرَحا
أحورُ أحْوَى أغَنُّ ذو هيفٍ ... فداؤُه كلُّ من عليه لَحَى
قد أبدعَ اللهُ خلقَه فأتى ... مُتَّزِراً بالجمال مُتَّشِحا
رقَّتْ حواشِي طباعِه فحكتْ ... رِقَّةَ ألفاظ من حَوى المُلحَا
ومنه ما بعث به اليَّ في غرض له:
أنعِم صباحاً سيِّدي ... يا ذا العُلى والسُّؤدُدِ
يا ابنَ الموالي الأكرمي ... نَ فداك كلُّ مُسوَّدِ
يا ماجداً وطئَ السُّها ... واحتلَّ فَرْق الفَرقَدِ
بفضائلٍ ومآثرٍ ... ومفاخرٍ لم تُجحَدِ
وشواردٍ كعقُود دُرٍّ ... فُصِلتْ بزَبرجَدِ
فاقت برَونقها نِظا ... مَ البحتريِّ وأحمدِ
وبديعِ نثرٍ قد حكَى ... ديباجةَ الروضِ النَّدِي
تابتْ لهُ حَبُّ القُلو ... بِ عن المدادِ الأسودِ
يا أيُّها المولَى الأمي ... نُ ونجلُ أكرمِ أمجدِ
أنتَ الذي يُرجَى لد ... فعِ خُطوبِ دهرٍ مُعتدِ
العبدُ قدْ عبثتْ بهِ ... أيدِي الزمانِ الأنكدِ
نام کتاب : نفحة الريحانة ورشحة طلاء الحانة نویسنده : المحبي، محمد أمين جلد : 1 صفحه : 134