responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نفحة الريحانة ورشحة طلاء الحانة نویسنده : المحبي، محمد أمين    جلد : 1  صفحه : 206
والحر حرٌ، وإن مسه الضر.
فوطؤه خفيف، وضالته رغيف.
لزوم البيت أروح في زمانٍ ... عدمنا فيه فائدة البروز
فلا السلطان يرفع من محلى ... ولست على الرعية بالعزيز
ولست بواجدٍ حراً كريماً ... أكون لديه في حرزٍ حريز.
وإني لأشكو من تسحب هذا السحاب، وتسلط هذا الرَّباب.
وام أر قط والله كالعام، الكثير الإنعام.
الذي من تورط فيه غرق، ومن تنشط فيه عام.
سحابٌ مجنون، يصم الآذان برعده، وبرقه يغشى العيون.
وغمامٌ شديد الإيلام، كأن صوبه صوب ملام، أو عرق حمام.
ومطرٌ كأفواه القرب، وصوت رعدٍ يميت الطرب.
حتى كأن صوته صوت عذاب، أو سطوة ليوثٍ غضاب.
أو أنه مهجور مرتاب، من تصرم أسباب وداد الأحباب.
أو كأنه نعرة فيل، أو نفخة إسرافيل.
أو شق السماء بشدةٍ فانشقت، " وأذنت لربها وحقت ".
ولمع برقٌ خفاق جلاب، مشرق كالشمس إلا أنه شديد الاضطراب، سريع الاحتجاب، لمّاع، دفّاع، يختار دونه لمع السراب، ومنع الشراب.
حتى قال قائلنا: ليت بذي الغمام جهام، وليت ذا البرق المتألق خلب وسيفه المسلول الصارم كهام.
وليته كان كاذب المخيلة، وليت لقحة نوئه هذا شحيحةٌ بخيلة.
ولم أر حال هذا السحاب الغيداق، إلا كحال مولهٍ مشتاق، شديد الأشواق. وكاف الآماق.
مشتعل الزفرات، متقاطر العبرات.
فسبحان من أرسل مدارا، وجعل القطار في هذه الأقطار بحارا.
ألا يرى كيف من الله سبحانه بالوقوف، على السقوف.
وبالثبوت، على البيوت.
ولم يعلم هل هذا السحاب، أصبح يجود لسقياً رحمةٍ أم سقيا عذاب.
وأما الثلوج فإنها شيبت نواصي الجبال، مع شدة الاحتمال، فما الظن بنواصي الرجال، مع تزاحم الأهوال، وتراكم الأثقال.
اللهم إنا نستعيذ بك أن تقلب الأعيان، فتجعلها سبب الموتان، في الحيوان، أو أن تعيد الطوفان، في آخر الزمان، وبالله المستعان، وعليه التكلان.
وأبق له عبدٌ وهو بالقاهرة، فكتب إلى دمشق، يخبر بإباقته: وأما ياقوت الممقوت، سوَّد الله وجهه، وعامله بالنكال أيما توجه.
قد أبق في هذه الأيام، كما هو دأب جنس الخسيس الخبيث فما عليه ملام.
واللومُ للحرِّ مقيمٌ رادعٌ ... والعبد لا يردعُه إلا العصَا
ولما بلغنا ذهابه من اليم، تباشرنا بزوال الهم.
وأنشدنا:
إلى حيثُ ألْقَتْ رَحْلَها أمُّ قَشْعَم
ولو طلب منا الإجازة أجزناه، والمكاتبة كاتبناه ودبرناه، وعن خدمتنا أبعدناه.
ولو أدرناه تطلبناه، وبما يليق عاملناه.
وإذا رأيتَ العبدَ يهرُب ثم لم ... يُطْلَب فمولى العبدِ منه هاربُ
ولو لم يكن لي في هذه السَّفرة من الربح الذي ليس به خفا، إلا ذهاب هذه الغمة السوداء لكفي.
وفي الحديث الشريف: " اطلبوا الخير عند حسان الوجوه "، ومن أمثالهم: " قبح اللكع ومن يرجوه ".
وقد كنَّا قديماً نسمع، أن الخادم بمنزلة النَّعل يلبس ويخلع.
والعبد لو كانت ذؤابة رأسه ذهبا، لكان رصاصةً رجلاه.
ومن أبق عن الخدمة، فقد يعد بعده نعمة، وقربه نقمة.
فقد يفر المهر من عليقه، ويطير الفراش إلى حريقه.
فما كل شجرة تحلو لذائقها، ولا كل دار ترحب بطارقها.
ومن أبق عن مولاها مغاضباً، وجانب إحسانه الذي لم يكن له مجانباً.
يجد من مفارقة معاهد الإحسان، ما يجده من مفارقة معاهد الأوطان.
ويكون ذنب عقابه فيه، وكم عبدٍ أبق من مواليه.
وقد روى مرفوعا عن سيد الأمة: " أيما عبدٍ أبق فقد برئت منه الذمة ".
وبالجملة فقد حصل لنا بذهابه غاية المسارّ، و:
إذا ذهب الحمارُ بأم عمرٍو ... فلا رجعتْ ولا رجع الحمار
وله يصف فتى: حسنه يملأ القلوب والصدور، وليس البدر إلا أن فيه حسنا تلاشت في دقائقه البدور.
ريمٌ من الروم، خادم مخدوم.
قد كساه الزمان ملابس جماله، ووهبه الأوان محاسن كماله.
بديعُ جمالٍ كل ما زاد ناظرِي ... به نَظَراً زادتْ محاسُنه حسناَ
جرى فيه ماء النعيم والهيف، وتحكم فيه تيه الحسن والصلف.
باهٍ بقده، زاهٍ بوردى خده.
ألصق بالقلب، من علائق الحب.
كلَّما لاح وجُهه بمكانٍ ... كثُرتْ زحمةُ العيون عليهِ
ذو قدٍ مياد ميال، بيدي المَلال والدَّلال.

نام کتاب : نفحة الريحانة ورشحة طلاء الحانة نویسنده : المحبي، محمد أمين    جلد : 1  صفحه : 206
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست