نام کتاب : نفحة الريحانة ورشحة طلاء الحانة نویسنده : المحبي، محمد أمين جلد : 1 صفحه : 28
ولما أحتمل أن يسمى كبيرة، ويدعى ولو على المجاز جريرة. وهب أنني يا مولاي لا أؤاخذك بأغراضك وإعراضك، ولا أعاتبك بإسرافك وإخلاقك، ولا أقابلك بإخلافك وأخلاقك. ولا أواجهك بانقيادك وعدم انتقادك، ولا أعارضك بإعراضك، وعدم اعتراضك. ولا أطالبك بتألبك، وعدم تألمك، ولا أحاسبك بما حرمتنيه من عطفك، ولا أصادرك وإن سؤتني بما تثنيه من عطفك.
أفي حكم المروءة أن تبعد من يقاربك، وتطرد من يصاحبك. وتطرح من يهابك ولا يملُّك، وتسمح بقطيعة من يجلُّك ولا يخلُّك.
ومن أمثالهم: أهل الحفائظ أهل الحفاظ. والحفائظ تحلل الأحقاد، فأين من سيدي الحفيظة المأمولة لتحلِّل ما عنده وما استقصاه، وتهدم ما شاده الواشي وما بناه.
والعين تعرف من عيني محدِّثها ... إن كان من حزبها أو من أعاديها
وقد باغتني مقالةٌ من بعضها في القلب جروحٌ. فليت شعري، وهل ليت بنافعة، متى كان جرحاً، حتى صار قرحاً.
ومتى قدح الزند حتى اضطرم هذا الوقد.
ومتى تكاثف القطر وهمى، حتى اجتمع هذا البحر وطمى ومتى طنَّت الحصا، حتى بلغ مداها عنان السَّما.
وبالجملة فقد شاركت الليال، في تقلب الأحوال. ووافقت الأيام، في اصطناعها اللثام.
هلاَّ ألهمت أن ترد بعقلٍ وتصدَّر بتميز، " وما ذلك على الله بعزيز ".
ولولا أنك أعنتها ونصرتها، وآزرتها وظاهرتها. لردَّت على أعقابها ناكصة، ورجعت على أدبارها خائبة. ولأمنت مكرها، واجتنبت إصرها.
ولكنها جمرة ليل، وأثمر ثمارٍ لا سيل. وبناءٌ على شفا، وعلَّةٌ قريبة الشِّفا.
وقد ثبت أن العقوبة للمسيء، والحرمان للمجرم، والخذلان للمعتدي، والقصاص للمذنب، والمؤاخذة للجاني. وأنا أبيض وجه العهد، واضح حجة الود، مصاحب التوفيق، بريء الساحة، مجانب الهفوات. ولو أنني علمت أنه أمرٌ بيت بليل، لجازيت الصانع كيلاً بكيل، ولكني سأريه ناجذي وأتجلد، وأري الشامتين أني لريب الدَّهر لا أتضعضع.
ولعمرك ما علمت أن صريح الرأي في التحول عنك مطلوب، ولا تحققت أن المجاز في كل تركيب من الألفاظ العرفية متداول مرغوب. لأتبصر أن قول القائل مثلاً: اذهب الأعمى. أن يكون عبارةً عن طرد المخاطب ضمناً، وقد تقرر أن المخاطب يدخل في عموم كلامه لا أن المخاطب يدخل فيما خوطب به. ولو علمت قبل ما عدت بعد.
لست أشكو من امتناعك عنِّي ... يا منى النَّفس حيث عزَّ الإيابُ
سوء حظِّي أنالني منك هذا ... فعلى الحظِّ لا عليك العتابُ
وأحرى بقول القائل:
إذا لم تكن حاجاتنا في نفوسهم ... فليس بمغنٍ عنك عقد الرتائمِ
حلفت ولم أترك لنفسك ريبةً ... وليس وراء الله للمرء مطلبُ
إني لا قابلت إحسانك بكفر، ولا أسأت أدباً فيما صنعته في خدمتك بأن أتبعه بمنّ. ولك عندي اليد البيضاء التي لا أقبضها عن الدعاء لك، والأخرى التي لا أبسطها بالدعاء عليك.
وها أنا أشكو إليك، جعلني الله فداك، ما لا يمكن الإيضاح به، ولا الصراحة عنه، ولا التوصل بالاستيفاء، ولا التسلط بالاستحضار عليه، ولا التجمل بالإغضاء، ولا البيان لما فيه، ولا التمحل له.
وربما ذكرت البعض منه، وقلت: لعلِّي كنت شائماً سراباً، أو مستمطراً جهاماً، أو رائياً خلَّباً، أو وارداً حيث لا مراد، أو مستعيناً حيث لا معين، أو مستغيثاً حيث لا مغيث، أو مستجيراً حيث لا مجار، أو مستميحاً حيث لا سماح، ولك المثل الأعلى.
لا تعجبوا ضربي له من دونه ... مثلاً شروداً في النَّدى والباسِ
فالله قد ضرب الأقلَّ لنوره ... مثلاً من المشكاة والنِّبراسِ
ولو كان رمحاً واحداً لاتقيته ... ولكنه رمحٌ وثانٍ وثالثُ
فهل كنت كالمقتدي بناقضة الغزل، أو كالمستصحب سراةً لملمَّةٍ فإذا عم عزل. أو كراضٍ من الغنيمة بالإياب، ومن المركب بالتعليق، أو كراجع بخفِّي حنين.
هذا، وأنا أقول: لن تضر الحوار وطأة أمِّه. بيد أنه يقال، فيما تقدم ومضى من المدد الخوال:
فقسا ليزدجروا ومن يكُ حازماً ... فليقسُ أحياناً على من يرحمُ
ومثلي من تهفو به نشوة الصِّبا ... ومثلك من يعفو ومالك من مثلٍ
نام کتاب : نفحة الريحانة ورشحة طلاء الحانة نویسنده : المحبي، محمد أمين جلد : 1 صفحه : 28