نام کتاب : نور القبس نویسنده : اليغموري جلد : 1 صفحه : 106
مامعنى محرما؟ فقال الكسائي: أحرم بالحج. وقال الأصمعي: ماكان أحرم بالحج ولاأراد الشاعر أنه أيضاً في شهر حرام، فيقال: أحرم الرجلُ إذا دخل فيه كما يقال: أشهر إذا دخل في الشهر وأعام إذا دخل في العام. فقال الكسائي: ماهو غيرُ هذا وماأراد ذلك؟! فقال الأصمعي: ماأراد عديُّ ابن زيد بقوله " من الرمل ":
قتلوا كسرى بليلٍ محرماً ... فتولَّى لم يُمتَّعْ بكفنْ
أإحرام لكسرى؟! فقال الرشيد: فما المعنى؟ قال: كلُّ من لم يأت شيئاً يوجب عليه عقوبة فهو محرم، لايحلُّ منه شيءٌ. فقال الرشيد؟ ما تطاق في الشعر، ياأصمعي! وقال الكسائي: كنتُ داخلاً إلى الرشيد، فقام أهرابيٌّ فقال: أبا الحسن، أبلغ أمير المؤمنين ماأنشدك. قلت: هات! فأنشدني " من الطويل ":
ونحنُ أناسٌ لادراهمَ عندنا ... وللناس أخبازٌ وليس لنا خبزُ
فجمع الخبز وهو جنس،
ونحن أثافي القدر والأكل ستةٌ ... جراضمةٌ جُوفُ وأكلتنا اللبرُ
يريد أنهم في العدد ثلاثةٌ، وأكله أكل ستةٍ، والجراضمة الذين يأكلون جميع ماعلى المائدة، والجوف الذين لايشبعون أبداً، والبز القفر من الأرض،
لنا أعْنُزٌ لبنٌ ثلاثٌ فبعضها ... لأولادنا ثنتنا وفي بيننا عنزُ
فحذف النون من ثنتا وأراد ثنتان، وخفض بيننا لأنه أدخل صفة على صفة، وقوله: (قُلْ كلٌّ مِن عند اللهِ) حجةٌ في إدخال صفة على صفة. قال الكسائي: فاستفدت في هذه الأبيات عدة مسائل.
لما دخل الكسائي البصرة جلس في حلقة يونس ينتظر خروجه، فسأله ابن أبي عيينة عن أولقٍ: هل ينصرف؟ فقال: أولق أفعلُ لاينصرف. فقال له ابن أبي عيينة: خطأٌ، والله! وخرج يونس فسئل عنه فقال: هو فَوْعَل وليس بأفعل لأن الهمزة فاءُ الفعْل، لأنك تقول: س أُلقَ الرجلُ فهو مألوق، فتثبتُ الهمزة وكذلك أرنب ينصرف فَعْلَلُ لأنك تقول: أرضُ مُؤَرْنَبةٌ، فتثبتُ الهمزة. وقال: المألوق المجنون.
قال الأمصعي: كان الكسائي يأخذ اللغة عن أعراب الحطمة كانوا ينزلون قُطْرُبُّل وغيرها من سواد قرى بغداد. قال: فلمَّا ناظر الكسائي سيبويه استشهد بكلامهم واحتج بهم وبلغتهم على سيبويه. فقال اليزيدي في ذلك " من السريع ":
كُنَّا نقيسُ النحو فيما مضى ... على لسان العرب الأولُ
فجاءما قوم يقيسونه ... على لُغى أشياخ قُطْرُبُّلِ
فكُلُهم يعملً في نقض ما ... به يصاب الحقُ لا يأتلي
إنّ الكسائي وأصحابه ... يرقون في النحو إلى أسفلِ
ولأبي نصر أحمد بن حاتم صاحب الأصمعي " من الرمل ":
أفسد النحو الكسائي ... وثنى ابن غزاله
وأرى الأحمر تيساً ... فاعلفوا التيس النخاله
قال أبو زبد: قدم سيبويه على البرامكة، فجمع يحيى بينه وبين الكسائي، فلمّأ حضر أقبل على سيبويه فقال: تسألني أو أسألك؟ قال: لابل سلني أنت! فقال له الكسائي: قد كنتُ أُظنُّ أنّ العقرب أشد لسعةً من الزنبور، فإذا هو هي أو فإذا هو إياها؟ فقال سيبويه: فإذا هو هي! ولايجوز النصب! فقال له الكسائي: لحنت! ثمّ سأله مسائل من هذا النوع، قال: خرجت فإذا عبد الله القائمَ أو القائمُ؟ فقال سيبويه في ذلك كله بالرفع دون النصب. فقال الكسائي: ليس هذا كلام العرب. فقال لهما يحيى: قد أختلفتما وأنتما رئيسا بلديكما، فمن ذا يحكم بينكما؟ فقال الكسائي: هذه العرب ببابك، قد جمعتهم من كل أوب، ووفدت عليك من كل صقع، وهم فصحاء الناس، وقد قنع بهم أهل المصرين. فأمر بإحضارهم وفيهم أبو فقعس وأبو دثار وأبو الجراح وأبو ثروان، فسئلوا عن المسائل، فتابعوا الكسائيَّ وقالوا بقوله. ثمّ قال الكسائيّ ليحيى: أصلح اللهُ الوزير وفد عليك من بلده مؤملا، فإن رأيت أن لاترده خائباً؟ فأمر له بعشرة آلاف درهم. فخرج وصير وجهه إلى فارس ولم يعد إلى البصرة. - قال ثعلب: إنما أدخل سيبويه العماد في قوله: فإذا هو إياها لأن " فإذا " مفاجأة، أي فوجدته ورأيته، ووجدت ورأيت ينصب لشيئين ويكون معه خبر، فلذلك نصبت العرب.
قال الكسائي: غطيت الشء وغطيته، وأنشد " من الخفيف ":
رُبَّ حِلمٍ أضاعه عدم الما ... ل وجهلٍ غطى عليه النعيم
نام کتاب : نور القبس نویسنده : اليغموري جلد : 1 صفحه : 106