نام کتاب : نور القبس نویسنده : اليغموري جلد : 1 صفحه : 113
أضلَّ الصباحُ المستنيرُ طريقهُ ... أم الدَهْرُ ليلٌ كُلُه ليس يبرحُ
أُظنُّ الدجى طالت وما طالت الدجى ... ولكن أطال الليلَ هَمٌّ مُبرحُ
وكان ابن الأعرابي يستملح هذين البيتين وقال: هذا وإن لم يكن من جيد الشعر ولا في طريقته فقد ذهب به صاحبه مذهباً مليحاً! وهو في خلال روايته يستملحه " من السريع ":
تحرَّك الهجرُ فقال الهوى ... ما هذه الضوضاء في عسكري
فجيءَ بالهجر يُجرونه ... فلم يزل يصفعُ حتى خري
قال: وأحسن ما قيل في الخمر قولُ أبي نواس " من المنسرح ":
لاينزلُ الليلُ حيثُ حلَّتْ ... فدهرُ شرابها نهارُ
فهيَ إذا استودعتْ سراراً ... لم يخف في ضوئها السرار
وقوله " من الطويل ":
إذا ما حساها شاربُ القومِ خلته ... يُقبلُ في داجٍ من الليلِ كوكباً
وقال: أنشدوني بيتاً لأبي نواس أوله أكثم بن صيفي في أصالة الرأي وآخره ابن ماسويه في الطب! قالوا: مانعرفه. قال: قوله " من البسيط ":
دَعْ عنك لومي فإن اللوم إغراءُ ... ودواني بالتي كانت هي الداءُ
ولكن هذا معنى قول الأعشى " من المتقارب ":
وكأسٍ شربتُ على لذةٍ ... وأُخرى تداويتُ منها بها
قيل: إن السبب في طعن ابن الأعرابيّ على الأصمعي وقدحه ونسبته إلى الكذب أن الأصمعي دخل على سعيد بن سلم وابن الأعرابي يؤدب ولده، فقال لبعضهم: أنشد أبا سعيد! فأنشد لرجلٍ من بني كلاب شعراً رواه إياه ابن الأعرابي وهو " من الطويل ":
رأت نضو أسفارٍ أميمةُ قاعداًس ... على نضوٍ أسفارٍ فجُنَّ جُنونها
فقالت: من أي الناس أنت ومن تكن ... فإنك راعي صرمة لاتزينها
فقلت لها: ليس الشحوب على الفتى ... بعارٍ ولا خيرُ الرجال سمينها
عليك براعي ثلَّةٍ مسلحبةٍ ... يروح عليه محضها وحقينها
سمينُ الضواحي لم تؤرقه ليلةٌ ... وأنْعَمَ أبكارُ الهمومِ وعونها
ورفع " ليلة " فقال له الأصمعي: من روّاك هذا؟ قال: مؤدبي. وأحضره واستنشده البيت، فأنشده ورفع " ليلة "، فأخذ ذلك عليه وفسر البيت فقال: إنما أراد: " لم تؤرقه ليلةً أبكارُ الهُموم وعُونها " - جمع عوانٍ، " وأنعم " أي زاد على هذه الصفة، " سمين الضواحي " يريد: ماظهر منها وبدا سمينٌ، " ليلةً " ينصب على الظرف، " وانعم " أي بولغ له في ذلك كما جاء في الحديث: زإنّ أبا بكر وعمر منهم وأنعما! أي زادا وبولغ في ذلك لهما، من قولهم: دققتُ الشيء دقاً نعماً ودقاً ناعماً. ثمَ قال الأصمعي لابن سلمٍ: من لم يحسن هذا المقدار فليس موضعاً لتأديب ولدك، فنحه! وقدم عليه قادمٌ من سُرَّ من رأى، فأخبره بنكبة سليمان بن وهب وأحمد ابن الخصيب في أيام الواثق فأنشده " من الرمل ":
رُبَّ قومٍ رفعوا في نعمةٍ ... زمناً والعيشُ ريَّانُ غدقْ
سكتَ الدهرُ زماناً عنهمُ ... ثمَّ أبكاهم دماً حين نطقْ
وقال لابن الربعة الكلبي دليل آل المُهلَّب حيث هربوا من الحجَّاج إلى الشأم إلى سليمان بن عبد الملك " من الطويل ":
وقمٌ هُمْ كانوا الملوك هديتهم ... بظلماء لايسري بها ضوءُ كوكبِ
ولا قَمرٌ إلا صغيراً كأنه ... سوارٌ حناه صانعُ السور مذهبِ
نفرُّ فرار الشمس ممَّنْ وراءنا ... وننجو بجلباب من الليل غيهبِ
فإلاَّ تُصبحْ بعد خمس ركابُنا ... سليمان من بعد الملا تتأوبِ
قوله " نفر فرار الشمس " يقول: نذهب إلى المغرب حيث تغيب الشمس.
آخر أخبار الكوفيين، الحمد لله وحده وصواته على محمد وآله وصحبه
في ابتداء أمر مدينة السلام واختطاط أبي جعفر المنصور إياها ونزولها وابتنائها
نام کتاب : نور القبس نویسنده : اليغموري جلد : 1 صفحه : 113