نام کتاب : نور القبس نویسنده : اليغموري جلد : 1 صفحه : 39
استعجمت دار نعم لاتكلمنا ... والدارُ لو كلمتنا ذات أخبار
أدن، يا أبا زيد، ادنه! فما زالا يتناشدان الشعر، فقال بعض أصحاب الحديث: ياأبا بسطام، نقطع إليك ظهور الإبل لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتتركنا وتقبل على إنشاد الشعر! فغضب شعبة وقال: ياهذا، أنا أعلم بأمري، أنا والله في هذا أسلم مني في ذاك! - قال أبو زيد: قال لي شعبة: سلني عما شئت من الشعر! قلت له: فما معنى قوله " من الطويل ":
بأيدي رجال لم يشيموا سيوفهم ... ولم تكثر القتلى بها حين سلَّت
فأطرق ثمّ قال: لاأدري. ومعناه: لم يشيموها أي لم يغمدوها إلا وقد كثرت القتلى بها.
حضر أعرابي عند أبي زيبد، فقال: أنتم أهل خشونة، ياأهل البادية، ونحن أهل لين وغزل. فقال الأعرابي: كيف تكونون أغزل منا ومنا من يقول " من البسيط ":
هيفاءُ مقبلةً عجزاء مدبرةً ... لم تجف طولاً ولا أزرى بها قصر
غراء كالقمر المشهور طلعته ... لابل يرى مثلها لما أستوى القمر
مالان قلبي لناه عن مودتها ... وهل يلين لقول الواعظ الحجر
قال: فكتبنا. قال: وفينا من يقول أيضاً " من البسيط ":
هيفاءُ فيها إذا استقبلتها قصف ... عجزاء خامصة الكشخين معطار
غراء لم يرها مما يحذرها ... بساحة الدار لابعل ولاجار
قال أبو زيد: قلت لأعرابي: أقرأ! فقال: سبح اسم ربك الأعلى، الذي خلق فسَّوى، والذي منَّ على الحبلى، فأخرج منها نسمة تسعى، حتى إذا شبَّ واستوى، أدبر وتولى.
ذكر عند أبي زيد تفسير الأصمعي لقول الأعشى " من الكامل ":
وسيئة مما تعتق بابل ... كدم الذبيح سلبتها جريالها
وإنه قال: معناه شربتها حمراء وبلتها بيضاء فسلبتها الجريال. فقال أبو زيد: لم يقل أبو سعيد شيئاً، قد نرى الزنجي يفعل ذلك يشربها حمراء ويبولها بيضاء، وإنما أراد: أخذت حمرتها في وجنتي فصار لونها في خدي، وهذا مانراه أبداً عند الامتحان.
كان ديسم العنزي لايزال يحفظ أشياء من هجو حماد عجرد وأبي هشام الباهلي في بشار بن برد فبلغه ذلك فقال " من الطويل ":
أديسم يا ابن الذئب من نجل زراع ... أتروي هجائي سادراً غير مقصر
قال أبو حاتم: فأنشدت أبا زيد هذا البيت وقلت له: ماتقول؟ فقال: لمن الشعر؟ قلت لبشار. قال: قاتله الله، ما أعلمه بكلام العرب! ثمّ قال له: الديسم ولد الذئب من الكلبة، وزارع اسم الكلب ويقال للكلاب: أولاد زارع، والعسبار ولد الضبع من الذئب، والسمع ولد الذئب من الضبع، وزعمت العرب أن السمع لايموت حتف أنفه، وإنه لأسرع من الريح.
وقال أبو زيد: مرّ بي رؤبة فاستنشدته، فأنشدني أرجوزته:
وقاتم الأعماق خاوي المخترق
فاجتمع الناس عليه حتى سدوا الطريق، ومرت به عجوز فلم يمكنها أن تتخطى، فقال " من الرجز ":
تنح للعجوز عن طريقها ... إذ اقبلت رائحة من سوقها
دعها فما النحوي من صديقها
قال أبو زيد: ما سمعت أحداً يقول: فلان من صديقي! قبل رؤبة. - وشهد رؤبة قوماً يلعبون بالنرد وهو لايدري ماهم فيه، ثمّ حضر الطعام فقال " من الرجز ":
ياأخوتي جاء الطعام فارفعوا ... خيابة كعابها تقعقع
لم أدر ما ثلاثها والأربع
وقف أعرابيٌّ على أبي زيد، فظن أنه جاء يسأله عن مسألةٍ في النحو، فقال: سل عما بدا لك! فقال الأعرابي " من الخفيف ":
لست للنحو جئتكم ... لا ولا فيه أرغب
أنا مالي ولأمري ... أبد الدهر يضرب
خل زيداً لشأنه ... حيثما شاء يذهب
واستمع قول عاشق ... قد شجاه التطرب
همه الدهر طفلة ... فهو فيها يشيب
قال أبو زيد: وقفت على قصاب فقلت: بكم البطنان؟ فقال: بمصفعان، يامضرطان! قال: فغطيت رأسي وفررت لئلا يسمع الناس فيضحكوا مني. - وأنشد أبو زيد " من المتقارب ":
إذ أنت لم تعف عن صاحب ... أساء وعاقبته إن عثر
بقيت بلا صاحب فاحتمل ... وكن ذا وفاءٍ وإن هو غدر
ولا تسأل الحرَّ عن عورة ... وإن قام يوماً عليها ستر
نام کتاب : نور القبس نویسنده : اليغموري جلد : 1 صفحه : 39