نام کتاب : نور القبس نویسنده : اليغموري جلد : 1 صفحه : 51
أشمُّ طُوالُ الساعدين شمردلٌ ... إذا لم يرح للمجد أصبح غاديا
قال الرشيد: ولم لم يروحه في المجد كما أغداه؟! ألا قال: إذا راح للمعروف أصبح غاديا! فقلت: أنت والله، ياأمير المؤمنين، في هذا أعلم منه بالشعر! قال الأصمعي: كنت عند الرشيد فقدم إليه فالوذ، فقال: ياأصمعي، أتعرف قريش هذا؟ فقلت: قومك، ياأمير المؤمنين، يعرفونه. كان ابن جدعان عمله، وفيه يقول الشاعر " من الوافر ":
منادٍ فوق دارته يبنادي ... لبابُ البّرُ يلبكُ بالشهاد
وأما الأعرابُ فإن مزرداً أخا الشماخ كان نهماً جشعا، وكانت أمه توثر إخوته عليه، وإنها غابت عن بيتها يوماً، فوثب على ما في بيتها فأكله وقال " من الطويل ":
ولما غدت أمي تزور بناتها ... أغرت على العكم الذي كان يمنع
خلطتُ بصاعي حنطةٍ صاع عجوة ... إلى صاع سمنٍ فوقه يتريَّعُ
ودبَّلتُ أمثال الأثافي كأنها ... رؤوس نقادٍ مزقت لاتجمعُ
وقلت لبطني أيسري اليوم إنه ... حمى أمنا مما تفيدُ وتجمع
فإن كنتُ مصفوراً فهذا دواؤه ... وإن كنت غرثاناً فذا يوم تشبعُ
فقال: لله درك، هاتوا حتى نأكل ونشبع إن شاء الله! قال: وكنا عند الرشيد فجاؤا بطفشيل فقال: ياأصمعي، أهذا اسمٌ عربيً؟ فقلت له: حدثني الشرقي بن القطامي أن بني اسرائيل كانوا في التيه، فقال حبر لهم يقال له شيلا: سخن لنا أخلاط حبوب! فعمل الطفشيل، وهو بالعبرانية تفشيل، فأعربته العربُ فصيرت التاء طاء، وكذلك أنطاكية بالعبرانية أنتاكية فقالت العرب بالطاء. فوهب لي الرشيد ألف دينار.
قال: وقال لي الرشيد: أما ترى قبح أسماء سكك بغداد مثل قطيعة الكلاب ونهر الدجاج وأشباه ذلك؟ فهل للعرب مواضع قبيحة الأسماء؟ قلت: نعم، قد قال الراجز " من الخفيف ":
ماترى لمح بارق ... سقيت ماؤه بيه
فشروري فقروري ... فحنونا فلحسيه
فقال: لله درك! فما رأيت مثلك خلقت لهذا الشأن وحدك.
قال: وقال لي الرشيد ذات ليلة: ياأصمعيُّ، ألا ترى الدعيَّ بن الدعيّ اليهودي بن اليهودي عبد بني حنيفة مروان بن أبي حفصة يقول لمعن بن زائدة، وإنما هو عبد من عبيدي " من الوافر ":
أقمنا باليمامة إذ يئسنا ... مقاماً لانريدُ به زيالا
وقلنا: أين نذهب بعد معن ... وقد ذهب النَّوال فما نوالا
وكان الناس كلهم لمعن ... إلى أن زار حفرته عيالا
فجعلني وحشمي عيالاً لمعن، وقال: إن النوال قد ذهب فما يصنع بنا؟ فقلت: ياأمير المؤمنين، عبد من عبيدك، أنت أولى بأدبه وهو بالباب. قال: عليَّ به! فأدخل، فقال: السياط! فأخذ الخدم يضربونه فضرب أكثر من ثلاثمائة سوط وهو يقول: ياأمير المؤمنين، استبقني واذكر قولي فيك وفي أبيك! قال: وماقلت؟ فأنشده قصيدته التي يقول فيها " من الكامل ":
هل تطمسون من السماء نجومها ... أو تمحقون من السماء هلالها
أم تدفعون مقالةً عن ربكم ... جبريل بلغها النبيّ فقالها
شهدت من الأنفال آخر آية ... بتراثهم فأردتم إبطالها
فدعوا الأسود خوادارً في غيلها ... لا تولغنَّ دماءكم أشبالها
فأمر له بثلاثين ألف درهم وخلاه. فلما خرج قال لي: ياأصمعي، من هذه؟ قلت: لاأدري. قال: هذه مواسة بنت أمير المؤمنين، قمُ فقبل رأسها! فقلت: أفلت من واحدة ووقعت في أخرى! إن فعلت أدركنه الغيرة فقتلني. فقمت فوضعت كمي على رأسها وفمي على كمي، فقال: والله لو أخطأتها لقتلتك! أعطوه عشرة آلاف درهم! وقال: كنت عند الرشيد، فأُتي بجارية ليبتاعها، فأعجبته، فقال لمولاها: بكم الجارية؟ قال: بمائة ألف درهم! فقال: ادفع المال إليه، ياغلام! فلما وليَّ قال: رُدُّوا الجارية! فرّدت فقال: أبكر أم ثيب؟ قالت: بل ثيب! قال: رُدُّوها على مولاها! ثم أنشأ يقول " من الكامل ":
قالوا: أردت صغيرةً فأجبتهم ... أشهى المطي إليَّ ما لم يركب
كم بين حبَّة لؤلؤ مثقوبة ... لبست وحبة لؤلؤ لم تثقب
فقالت الجارية: ياأمير المؤمنين، أتاّن لي في الجواب؟ قال: نعم. فأنشأت تقول " من الكامل ":
نام کتاب : نور القبس نویسنده : اليغموري جلد : 1 صفحه : 51