نام کتاب : وفيات الأعيان نویسنده : ابن خلكان جلد : 1 صفحه : 2
شامة: ومن العجيب اجتماع ثلاثة من قضاة القضاة لقب كل واحد منهم شمس الدين في زمن واحد. واتفق أن الشافعي استناب نائباً لقبه شمس الدين فقال بعض الأدباء الظرفاء:
أهل دمشق استرابوا ... من كثرة الحكام
إذ هم جميعاً شموس ... وحالهم في الظلام وقال أيضاً:
بدمشق آية قد ... ظهرت للناس عاما
كلما ازدادوا شموسا ... زادت الدنيا ظلامها ثم عزل عن القضاء سنة تسع وستين بالقاضي عز الدين ابن الصائغ، ثم عزل ابن الصائغ بعد سبع سنين به، وقدم من مصر فدخل دخولا لم يدخل غيره مثله من الاحتفال والزحمة وأصحاب البغال والشهود وكان يوما مشهودا وجلس في منصب حكمه وتكلم الشعراء. ولما قدم ابن خلكان إلى دمشق ثانياً وكان لثامن سنة قال رشيد الدين الفارقي في ذلك:
أنت في الشام مثل يوسف في مص ... ر وعندي أن الكرام جناس
ولكل سبع شداد وبعد ال ... سبع عام يغاث فيه الناس وقال سعد الدين الفارقي:
أذقت الشام سبع سنين جدبا ... غداة هجرته هجرا جميلا
فلما زرته من أرض مصر ... مددت عليه من كفيك نيلا وقال ابن جعوان:
لما تولى قضاء الشام حاكمه ... قاضي القضاة أبو العباس ذو الكرم
من بعد سبع شداد قال خادمه ... ذا العام فيه يغاث الناس بالنعم وقال نور الدين ابن مصعب:
رأيت أهل الشام طرا ... ما فيهم قط غير راض
كثيرة في سنين عديدة [1] ، وغلق على خاطري بعضه فصرت إذا احتجت إلى معاودة شيء منه لا أصل إليه إلا بعد التعب في استخراجه، لكونه غير مرتب، فاضطررت إلى ترتيبه، فرأيت على حروف المعجم أيسر منه على السنين، فعدلت إليه، والتزمت فيه تقديم من كان أول اسمه الهمزة، ثم من كان ثاني حرف من اسمه الهمزة أو ما هو أقرب إليها، على غيره، فقدمت إبراهيم على أحمد لأن الباء أقرب إلى الهمزة من الحاء، وكذلك فعلت إلى آخره، ليكون أسهل للتناول [2] ، وإن كان هذا [3] يفضي إلى تأخير المتقدم وتقديم المتأخر في العصر [4] وإدخال من ليس من الجنس بين المتجانسين، لكن هذه المصلحة أحوجت إليه [5] .
ولم أذكر في هذا المختصر أحداً من الصحابة رضوان الله عليهم، ولا من التابعين رضي الله عنهم، إلا جماعة يسيرة تدعو حاجة كثير من الناس إلى معرفة أحوالهم، وكذلك الخلفاء: ولم أذكر أحداً منهم اكتفاء بالمصنفات الكثيرة في هذا الباب، لكن ذكرت جماعة من الأفاضل الذين شاهدتهم ونقلت عنهم، أو كانوا في زمني ولم أرهم، ليطلع على حالهم من يأتي بعدي.
ولم اقصر هذا المختصر على طائفة مخصوصة مثل العلماء أو الملوك أو الأمراء أو الوزراء أو الشعراء، بل كل من له شهرة بين الناس ويقع السؤال عنه ذكرته وأتيت من أحواله بما وفقت عليه، مع الإيجاز كيلا يطول الكتاب، أثبت وفاته ومولده إن قدرت عليه، ورفعت نسبه على ما ظفرت به، وقيدت من الألفاظ ما لا يؤمن تصحيفه، وذكرت من محاسن كل شخص ما يليق به من مكرمة أو نادرة أو شعر أو رسالة ليتفكه به متأمله ولا يراه مقصوراً على أسلوب واحد فيمليه، والدواعي إنما تنبعث لتصفح الكتاب إذا كان مفنناً. [1] أ: كثيرة. [2] هذه رواية أد، وفي النسخ الأخرى: إلى التناول. [3] ب ج هـ: ذلك. [4] د: في بعض العصر. [5] د: تدعو إليه.
نام کتاب : وفيات الأعيان نویسنده : ابن خلكان جلد : 1 صفحه : 2