وعبد الله بن الزبير أسن ولد الزبير، وهو أول مولود ولد بالمدينة من المسلمين، ويقال: بل من المهاجرين. وكان ابن الزبير يقول: " هاجرت أمي، وأنا حمل في بطنها؛ فما أصابها من مخمصة ولا وصب إلا قد أصابني ". وحكه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بريقه ويده؛ وله يقول العقيلي:
بر يبين ما قال الرسول له ... من الصلاة بضاحي وجهه علم
حمامة من حمام البيت قاطنة ... لا يتبع الناس إن جاروا وإن ظلموا
وقالت عائشة لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اكنني " قال: " تكني بابنك عبد الله بن الزبير "، وهي خالته أخت أمه؛ وكانت كنيتها " أم عبد الله "، وكان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد جمع المهاجرين والأنصار الذين ولدوا في الإسلام حين ترعوعوا، فبايعهم؛ فكان منهم عبد الله بن الزبير. وسمع من النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيئاً حدث به؛ وتوفي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعبد الله ابن عشر سنين. ويحدث أن عمر بن الخطاب مر بأبي لؤلؤة، وعمر يتكئ على يد عبد الله بن الزبير؛ فقام إليه أبو لؤلؤة، ومعه فاس كان يعمل بها؛ فجعل يدنو من عمر ويكلمه. قال ابن الزبير: فأنكرته، فصحت عليه؛ فتأخر؛ فأقبل على عمر، فقال: " إنه ليهم بشر ".
وغزا عبد الله بن الزبير إفريقية مع عبد الله بن أبي سرح العامري. قال ابن الزبير: هجم علينا جرجير ملك إفرنجة في عشرين ومائة ألف؛ فأحاطوا بنا، والمسلمون في عشرين ألفاً، فاختلف الناس على ابن أبي سرح؛ فدخل فسطاطاً له، فخلا فيه، ورأيت غرة من جرجير: بصرت به خلف عساكره على برذون