نام کتاب : البلدان نویسنده : ابن الفَقيه جلد : 1 صفحه : 317
وقال عثمان بن أبي شيبة: سمعت أبا الحر السكوني يقول: سمعت ابن عياش يقول وقد ذكرت عنده بغداد فقال: هي دنيا وآخرة.
وقال يزدجرد بن مهبنداد الكسروي: قد تكلم الناس في بلاد همذان وإصبهان والري وسائر الكور الشريفة من بلاد الجبل وخراسان وفخموا شأن مصر خاصة وقالوا بها مقدمين لها على بغداد العراق وسائر الآفاق في كثير من الأقاويل.
ونحن مبطلون ذلك على معتقدي مصر خاصة، ومتوصلون إلى التفرقة بين بلدين لا يقومان في عيار، ولا يتوافيان على مقدار. فإذا فعلنا ذلك كان حكم ما لم نذكره من سائر البلدان كالري وإصبهان وسائر كور أرمينية وآذربيجان، حكم مصر المشهورة بخواصها المذكورة بأنواعها، ويستبدل الاختصار بالتطويل، وأمهات الكلام دون القال والقيل، ونعلم أن الله خلق خلقا مقسوما ما بين قنوات مختلفات حارات وباردات، رطبات ويابسات. ثم جعل تعديل الحياة هو أن لا تشاح على الصيف دون الشتاء، وعلى برد الماء دون لطف الهواء. فلو كان الزمان بردا جميعا أو حرا أبدا أو خريفا دائما أو ربيعا سرمدا، لملت الطبيعة زمانها، وثقل عليها منه فنسمها (؟) ومكانها. ولولا شدة الجوع وكرب العطش لزالت لذة الماء والتلذذ بالغذاء. وكذلك القول في الرقاد والسهر، والحركة والسكون، والحمّام والجماع، والحر والبرد، والرطوبة واليبس، ولو كلف أحدنا أكل الخبيص دائما واللبن دائما والعسل دائما، لكلفنا [47 أ] أمرا مربوطا بمكروه الطبيعة، مقرونا بأنكره وأرداه وأضناه. ولو كان الغذاء واحدا والزمان واحدا والدواء واحدا، لكان الغذاء هو الدواء والربيع هو الشتاء. فقد دللنا بذلك على أن أشرف البلدان مكانا، وأفضل البقاع زمانا، ما كان منتقلا بين أقسام الحر والبرد والرطوبة واليبس. ولا خير في زمان يكون ليلا سرمدا، ونهارا أبدا.
وسندل على أن المتطاولين بالحد الواجب المتناسب من الزمان بمصر، هم الملتجئون من منائر أرضهم هذه إلى السماء. والمحوجون إلى النوم تحت السقف الواحد أبدا. والماء والهواء هما مع ذلك ركنا حياتنا وخلة لتمام خلقنا. فأيما بقعة الباث فيها الاعتدال، والاعتدال هو الانتقال، والانتقال هو الزوال من حال إلى
نام کتاب : البلدان نویسنده : ابن الفَقيه جلد : 1 صفحه : 317