نام کتاب : البلدان نویسنده : ابن الفَقيه جلد : 1 صفحه : 335
ولا سيما السادس والسابع والأول والثاني. فأما الثالث والخامس فلأنهما يقيدان الرابع المتوسط ويكتنفانه وهما يشبهانه في كثرة الخير وقلة المؤونة وحسن الاعتدال. ويقال إن الملك الأعظم والمدبر الأكبر ينبغي أن يكون منزله هذا الموضع أعني الإقليم الرابع.
ومن الإقليم الرابع اشتراك دجلة والفرات. فإن بغداد إنما بعدت عن حقيقة قبة [56 ب] الأرض ووسط ما بين المشرق والمغرب وعشرين جزءا فقط. وهي بالحقيقة وسط ما بين خط الاستواء ونهاية العمارة في الشمال. وذلك أن المنجمين يقدرون نهاية العمارة في الشمال ستة وستين جزءا عن خط الاستواء. وبعد بغداد عن خط الاستواء، النصف، وهو ثلاثة وثلاثون جزءا. فالمدبر إذا توسط في هذا الموضع كان بعده من إفريقية وبرقة وصنعاء اليمن والشاش وفرغانة وباب الأبواب التي عملها أنوشروان حاجزا بين أرض الفرس والخزر في البحر الخراسان شبيها بالمتقارب «1» . ولو ذهب مدبر برقة وإفريقية ومخاليف اليمن ومن هو مقيم وراء النهر من خراسان لما انتظم التدبير. وكذلك لو دبرت ممالك بعد خراسان وثغر أرمينية من الإسكندرية والفرما لما صحّ ولا انتظم.
ولقد كان أحد أسباب انتقاض أمر بني أمية نزولهم الشام. وذلك أنهم اضطروا إلى أن يكاتب عمال خراسان صاحب العراق لقرب المسافة في اتصال الأخبار وإمضاء التدبير. فلما ولّوا نصر بن سيار الليثي خراسان أمر أن يكاتب يزيد بن عمر بن هبيرة. فخاف نصر على مكانه. فكان نصر إذا كتب من خراسان في أمر المسودة لم ينه يزيد خبره إلى مروان، لأنه كان يحب أن يقتل نصر. ونسي يزيد أن غلبة أبي مسلم على خراسان سبب الغلبة على الجبال، وأن ذلك إذا استحكم لم تكن له همة إلّا نزول العراق فلما انطوى عن مروان بيزيد بن عمر، اجتاز نصر بن سيار أفسد وجه التدبير. ولو كان مروان بالعراق مقيما لم يحتج أن يكون يزيد بينه وبين خراسان متوسطا.
نام کتاب : البلدان نویسنده : ابن الفَقيه جلد : 1 صفحه : 335