نام کتاب : البلدان نویسنده : ابن الفَقيه جلد : 1 صفحه : 337
وهو الذي يقول فيه ابن هرمة وذكر أنه لا يشاور أحدا فيما يهمّ به:
إذا ما أراد الأمر ناجى ضميره ... فناجى ضميرا غير مختلف العقل
ولم يشرك الأدنين في جلّ أمره ... إذا انتقضت بالأضعفين قوى الجبل
[57 ب] وهو الذي قال لعيسى بن موسى لمّا استرجع حين رأى أبا مسلم على طرف البساط قتيلا: يا عيسى! لا تسترجع واحمد ربك. فإنك هجمت على نعمة ولم تهجم على مصيبة وتمثّل:
وما العجز إلّا أن تشاور عاجزا ... وما الحزم إلّا أن تهمّ وتفعلا
فبهذا الحزم وهذه التجربة وبعد هذه الهمة والأسفار الكثيرة ومشاهدة البلدان البعيدة، رأى أن يختار هذا الموضع مدينة ومنزلا مستقرا. هذا وخراسان تنهض وفي أكناف الشام جماعة من بني أمية يحاولون طلب الملك. وبالحرمين طالبيون يرون أنهم أحق الناس بالملك. ثم لمّا عزم على بنائها ورآها أهلا، وكل بها جلة قواده ورؤسائه. فقسمها أرباعا ودفع كل ربع إلى قائد ووكله ببنائه.
ولقد أمكن المنصور الإشراف على خراسان عند خلع عبد الجبار بن عبد الرحمن إياه، حتى أخذه أسيرا. كما أمكنه الإشراف على مكة والبصرة عند خلع بني عبد الله بن الحسن بن الحسن عليهم السلام. حتى بلغ من ذلك مراده لتوسط الموضع. ولتوسطه أيضا أمكنه أن يوجه المهدي إلى الري وطبرستان وجرجان وأن يوجه المهدي بالهادي إلى جرجان. وأن يوجه المهدي بالرشيد إلى صائقة الروم.
وأن يمضي الرشيد بنفسه يريد سمرقند. وأن يوجه المأمون لعبد الله بن طاهر إلى مصر، ويشرف على بابك بالجبال. وأن يفتح المعتصم طبرستان وعمورية ويأخذ بابك من البر. ولولا توسط بغداد لكان الأمر أعسر والمطلب أبعد والأخبار أبطأ.
والله يفعل ما يشاء.
ومن غريب سعادة بغداد، أنه لم يمت فيها خليفة قط حتف أنفه. وذلك أن المنصور بناها وتوفي ببئر ميمون ودفن بمكة. وتوفي المهدي بالروذراور من عمل الجبل. وتوفي الهادي بعيسى آباد. وتوفي الرشيد بطوس من أرض خراسان. وقتل
نام کتاب : البلدان نویسنده : ابن الفَقيه جلد : 1 صفحه : 337