responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار نویسنده : المقريزي    جلد : 1  صفحه : 448
وقدم الريان، فحملوا الهدايا إليه وفاكهة أكثرها الموز، وحجارة سوداء إذا جعلت في الماء صارت بيضاء، ثم سار الملك على أمم السودان إلى مملكة الدمدام «1» الذين يأكلون الناس، فخرجوا إليه عراة، فهزمهم وظفر بهم، ومرّ على البحر المظلم، فغشيهم منه غمام، فترجع شمالا حتى انتهى إلى تمثال من حجر أحمر يومئ بيده ارجعوا، وعلى صدره مزبور ما ورائي أحد، فسار إلى مدينة النحاس، فلم يصل إليها ومضى إلى الوادي المظلم، فكانوا يسمعون منه جلبة عظيمة، ولا يرون أحدا لشدّة ظلمته، وسار إلى وادي الرمل، فرأى على معبره أصناما عليها أسماء الملوك، فأقام عليه صنما زبر عليه اسمه، فلما أثبت الرمل جاز عليه إلى الخراب المتصل بالبحر الأسود، فرأى سباعا يزأر بعضها على بعض، فحكم أنه لا مذهب له من ورائها، فرجع وعدّى وادي الرمل، ومرّ بأرض العقارب فهلك بعض أصحابه، ودفعوا عن أنفسهم أذاها بالرقي وجازها إلى مدينة الحكماء، وتعرف بمدينة الكند، ففرّوا منه إلى جبل.
فأقام عليه أياما حتى كاد يهلك جيشه عطشا، فنزل إليه من الجبل رجل من أفاضل الحكماء، وقد لبس شعره جسده، فقال للملك: أين تريد أيها المغرور الممدود له في الأجل المرزوق فوق الكفاية أتعبت نفسك، وجيشك ألا اجترأت بما تملكه، واتكلت على خالقك، وربحت الراحة، وتركت العناء والغرر بهذا الخلق؟ فعجب من قوله وسأله عن الماء، فدله عليه، وسأله عن موضعهم فقال: موضع لا يصل إليه أحد ولا بلغه قبلك أحد، فقال: ما عيشك؟ قال: من أصول النبات نقنع به، ويكفينا اليسير، قال: فمن أين تشربون؟
قال: من الأمطار والثلوج، قال: فلم هربتم منا؟ قال: زهادة في مخالطتكم وإلا فليس لنا ما نخافكم عليه، قال: فكيف بكم إذا حميت الشمس؟ قال: نأوي إلى غيران تحت هذا الجبل، قال: فهل لكم في مال أخلفه لكم؟ قال: إنما يريد المال أهل الترف، ونحن لا نستعمل منه شيئا استغنينا عنه بما قد اكتفينا به، وعندنا منه ما لو رأيته لاحتقرت ما عندك، قال: فأرنيه، فانطلق بنفر من أصحابه إلى أرض في سفح جبلهم فيها قضبان ذهب ناتئة، وأراهم واديا لهم في حافتيه حجارة زبرجد، وفيروز فأمر نهراوش أصحابه أن يحملوا من كبار تلك الحجارة، ففعلوا.
ورأى الحكيم جماعة الملك يصلون إلى صنم يحملونه معهم، فسأل الملك: أن لا يقيم بأرضهم، وخوّفه من عبادة الأصنام، فودّعه وسار، فلم يمرّ بأمّه إلا أثر فيها حتى بلغ النوبة، فصالحهم على مال، وأقام على دنقلة «2» صنما، وزبر عليه اسمه ومسيره، وسار يريد مدينة منف، فكان أهل كل مدينة من مدائن مصر يتلقونه بالفرح والسرور والرياحين

نام کتاب : المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار نویسنده : المقريزي    جلد : 1  صفحه : 448
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست