نام کتاب : رحلة ابن بطوطة - ط دار الشرق العربي نویسنده : ابن بطوطة جلد : 1 صفحه : 141
"وسيأتي ذكره" أن يأتي بالحطب فوجه منه نحو عشرة أحمال، فأضرموا فيه النار بعد صلاة العشاء الآخرة حتى صارت جمراً وأخذوا في السماع ثم دخلوا في تلك النار فما زالوا يرقصون ويتمرغون فيها وطلب مني كبيرهم قميصاً فأعطيته قميصاً في النهاية من الرقة فلبسه وجعل يتمرغ به في النار ويضربها بأكمامه حتى طفئت تلك النار وخمدت وجاء إلي القميص والنار لم تؤثر فيه شيئا البتة فطال عجبي منه. ولما حصلت لي زيارة الشيخ أبي العباس الرفاعي نفع الله به عدت إلى مدينة واسط فوجدت الرفقة التي كمنت فيها قد رحلت فلحقتها في الطريق ونزلنا ماء يعرف بالهضيب، ثم رحلنا بوادي الكراع وليس به ماء، ثم رحلنا ونزلنا موضعاً يعرف بالمشيرب، ثم رحلنا منه ونزلنا بالقرب من البصرة، ثم رحلنا ضحوة النهار إلى مدينة البصرة.
فنزلنا بها رباط مالك بن دينار، وكنت رأيت عند قدومي عليها على نحو ميلين منها بناء عاليا مثل الحصن، فسألت عنه فقيل لي هو مسجد علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكانت البصرة من اتساع الخطة وانفساح الساحة بحيث كان هذا المسجد في وسطها. وبينه الآن وبينها ميلان[1]، وكذلك بينه وبين السور الأول المحيط بها نحو ذلك، فهو متوسط بينهما. ومدينة البصرة إحدى أمهات العراق الشهيرة الذكر في الآفاق الفسيحة الأرجاء المونقة الأفناء ذات البساتين الكثيرة والفواكه الأثيرة، توفر قسمها من النضارة والخصب، لما كانت مجمع البحرين: الأجاج والعذب وليس في الدنيا أكثر نخلاً منها فيباع التمر في سوقها بحساب أربعة عشر رطلاً عراقية بدرهم ودرهمهم ثلث النقرة ولقد بعث إلى قاضيها حجة الدين بقوصرة تمر يحملها الرجل على تكلف فأردت بيعها فبيعت بتسعة دراهم أخذ الحمال منها ثلثها عن أجرة حملها من المنزل إلى السوق ويصنع بها من التمر عسلاً يسمى السيلان -، وهو طيب كأنه الجلاب. [1] لكثرة ما تتابع على البصرة من الفتن والتقلّبات والحروب خرجت البصرة القديمة، وأنشئت مدينة جديدة إلى الشمال الشرقي منها تبعد عنها 28 ألف ذراع يد، وكان إنشاؤها في القرن الثامن الهجري "الرابع عشر الميلادي" انظر التحفة النبهانية في تاريخ الجزيرة العربية – البصرة-.
نام کتاب : رحلة ابن بطوطة - ط دار الشرق العربي نویسنده : ابن بطوطة جلد : 1 صفحه : 141