نام کتاب : رحلة ابن بطوطة - ط دار الشرق العربي نویسنده : ابن بطوطة جلد : 1 صفحه : 189
ثم انصرفوا ويعودون في أول الثلث الثالث إلى المسجد فيتهجدون إلى الصبح ثم يذكرون إلى أن تحين صلاة الإشراق فينصرفون بعد صلاتها ومنهم من يقيم إلى أن يصلي صلاة الضحى بالمسجد وهذا دأبهم أبداً ولقد أردت الإقامة معهم باقي عمري ولم أوفق لذلك والله تعالى يتداركنا بلطفه وتوقيقه.
أما سلطان حَلِي فكان عامر بن ذؤيب من بني كنانة وهو من الفضلاء الأدباء الشعراء. سافرت في حجته من مكة إلى جدة وكان قد حج في سنة ثلاثين ولما قدمت مدينته أنزلني وأكرمني وأقمت في ضيافته أياماً، وركبت البحر في مركب له أوصلني إلى بلدة السرجة "وضبط اسمها بفتح السين المهمل وإسكان الراء وفتح الجيم" بلدة صغيرة يسكنها جماعة من أولاد الهلبي وهم طائفة من تجار اليمن أكثرهم ساكنون بصنعاء[1] ولهم فضل وكرم وإطعام لأبناء السبيل يعينون الحجاج ويركبونهم في مراكبهم ويزودونهم من أموالهم وقد عرفوا بذلك واشتهروا به وكثر الله أموالهم وزادهم من فضله وأعانهم على فعل الخير وليس بالأرض من يماثلهم في ذلك إلا الشيخ بدر الدين النقاش الساكن ببلدة القحمة فله مثل ذلك من المآثر والإيثار وأقمنا بالسرجة ليلة واحدة في ضيافة المذكورين، ثم رحلنا إلى مرسي الحادث ولم ننزل به، ثم إلى مرسى الأبواب، ثم إلى مدينة زبيد مدينة عظيمة باليمن بينها وبين صنعاء أربعون فرسخا وليس باليمن بعد صنعاء أكبر منها ولا أغنى من أهلها واسعة البساتين كثيرة المياه والفواكه من الموز وغيره وهي برية لا شطية[2] إحدى قواعد بلاد اليمن "وهي بفتح الزاي وكسر الباء الموحدة" مدينة كبيرة كثيرة العمارة بها النخل والبساتين والمياه، أملح بلاد اليمن وأجملها ولأهلها لطافة الشمائل وحسن الأخلاق وجمال الصور ولنسائها الحسن الفائق الفائت، وهي وادي الخصيب الذي يذكر في بعض الآثار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ في وصيته: "يا معاذ إذا جئت وادي الخصيب فهرول". ولأهل هذه المدينة سبوت النخل المشهورة وذلك أنهم يخرجون في أيام البسر والرطب في كل سبت إلى حدائق [1] في بعض طبعات الكتاب: يسكنها جماعة من أولاد الهبي، وهم طائفة من تجار اليمن، أكثرهم ساكنون بصعداء. [2] أي ليست واقعة على شط البحر وساحله.
نام کتاب : رحلة ابن بطوطة - ط دار الشرق العربي نویسنده : ابن بطوطة جلد : 1 صفحه : 189