نام کتاب : رحلة ابن بطوطة - ط دار الشرق العربي نویسنده : ابن بطوطة جلد : 1 صفحه : 194
المعمور وأوحشها وأكثرها نتناً، وسبب نتنها كثرة سمكها ودماء الإبل التي ينحرونها في الأزقة ولما وصلنا إليها اخترنا المبيت بالبحر على شدة هوله ولم نبت بها لقذرها، ثم سافرنا منها في البحر خمس عشرة ليلة ووصلنا مَقَدَشُو1 "وضبط اسمها بفتح الميم وإسكان القاف وفتح الدال المهمل والشين المعجم وإسكان الواو" وهي مدينة متناهية في الكبر وأهلها لهم جمال كثيرة ينحرون منها المئين في كل يوم ولهم أغنام كثيرة وأهلها تجار أقوياء وبها تصنع الثياب المنسوبة إليها التي لا نظير لها ومنها تحمل إلى ديار مصر وغيرها ومن عادة أهل هذه المدينة أنه متى وصل مركب إلى المرسى تصعد الصنابيق وهي القوارب الصغار إليه ويكون في كل صنبوق جماعة من شبان أهلها فيأتي كل واحد منهم بطبق مغطى فيه الطعام فيقدمه لتاجر من تجار المركب ويقول هذا نزيلي وكذلك يفعل كل واحد منهم ولا ينزل التاجر من المركب إلا إلى دار نزيله من هؤلاء الشبان إلا من كان كثير التردد إلى البلد وحصلت له معرفة أهله فإنه ينزل حيث شاء فإذا أنزل عند نزيله باع له ما عنده واشترى له ومن اشترى منه ببخس أو باع منه بغير حضور نزيله فذلك البيع مردود عندهم ولهم منفعة في ذلك ولما صعد الشبان إلى المركب الذي كنت فيه جاء إلي بعضهم فقال له أصحابي: ليس هذا بتاجر وإنما هو فقيه، فصاح بأصحابه وقال لهم: هذا نزيل القاضي، وكان فيها أحد أصحاب القاضي فعرفه بذلك فأتى إلى ساحل البحر في جملة من الطلبة وبعث إلي أحدهم فنزلت أنا وأصحابي وسلمت على القاضي وأصحابه وقال لي بسم الله نتوجه للسلام على الشيخ فقلت ومن الشيخ فقال السلطان وعادتهم أن يقولوا للسلطان الشيخ فقلت له إذا نزلت توجهت إليه فقال لي أن العادة إذا جاء الفقيه أو الشريف أو الرجل الصالح لا ينزل حتى يرى السلطان فذهبت معهم إليه كما طلبوا.
وكان سلطان مقدشو كما ذكرناه إنما يقولون له الشيخ واسمه أبو بكر بن الشيخ عمر وهو في الأصل من البرابرة وكلامه بالمقدشي ويعرف اللسان العربي ومن عوائده أنه متى وصل مركب يصعد إليه صنبوق السلطان فيسأل عن المركب من أين قدم ومن صاحبه ومن ربانه وهو الرئيس وما وسقه ومن قدم
1 عاصمة جمهورية الصومال الآن وتعرف بمقديشو.
نام کتاب : رحلة ابن بطوطة - ط دار الشرق العربي نویسنده : ابن بطوطة جلد : 1 صفحه : 194