نام کتاب : رحلة ابن بطوطة - ط دار الشرق العربي نویسنده : ابن بطوطة جلد : 1 صفحه : 284
والصين، ويجعل عليه الماء ويشرب ماؤه. وهو أيام كونه أخضر حلو، فإذا يبس صار فيه يسير حموضة ولحميته كثيرة. ولم أر مثله بالأندلس ولا بالمغرب ولا بالشام.
ثم سرنا في بساتين متصلة وأنهار وأشجار وعمارة يوما كاملاً، ووصلنا إلى مدينة بخارى التي ينسب إليها إمام المحدثين أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري. وهذه المدينة كانت قاعدة ما وراء نهر جيحون من البلاد وخربها اللعين تنكيز التتري، جد ملوك العراق. فمساجدها الآن ومدارسها وأسواقها خربة إلا القليل وأهلها أذلاء وشهادتهم لا تقبل بخوارزم وغيرها لاشتهارهم بالتعصب ودعوى الباطل وإنكار الحق. وليس بها اليوم من الناس من يعلم شيئا من العلم ولا من له عنايتة به.
غزو التتر لبخارى وتخريبهم لها ولِسواها:
كان تنكيز خان حداداً بأرض الخطا وكان له كرم نفس وقوة وبسطة في الجسم وكان يجمع الناس ويطعمهم ثم صارت له جماعة فقدّموه على أنفسهم وغلب على بلده وقوي واشتدت شوكته واستفحل أمره فغلب على ملك الخطا ثم على ملك الصين. وعظمت جيوشه وتغلّب على بلاد الختن وكاشغر والمالق. وكان جلال الدين سنجر بن خوارزوم شاه ملك خوارزم وخراسان وبلاد ما وراء النهر له قوة عظيمة وشوكة فهابه تنكيز وأحجم عنه ولم يتعرض له. فاتفق أن بعث تنكيز تجاراً بأمتعة الصين والخطا من الثياب الحريرية وسواها إلى بلدة أُطرار "بضم الهمزة" وهي آخر عمالة جلال الدين. فبعث إليه عامله عليها معلماً بذلك، واستأذنه ما يفعل في أمرهم، فكتب إليه يأمره أن يأخذ أموالهم ويمثل بهم ويقطع أعضاءهم ويردهم إلى بلادهم لما أراد الله تعالى من شقاء أهل بلاد المشرق ومحنتهم رأياً فائلاً وتدبيراً سيئاً مشئوماً، فلما فعل ذلك تجهز تنكيز بنفسه في عساكر لا تحصى كثرة برسم غزو بلاد الإسلام. فلما سمع عامل أطرار بحركته بعث الجواسيس ليأتوا بخبره فذكر أن أحدهم دخل محلة بعض أمراء تنكيز في صورة سائل فلم يجد من يطعمه ونزل إلى جانب رجل منهم فلم ير عنده زاداً ولا أطعمه شيئاً فلما أمسى أخرج مطراناً يابسة عنده فبلّها بالماء وفصد فرسه وملأها بدمه وعقدها وشواها بالنار فكانت طعامه
نام کتاب : رحلة ابن بطوطة - ط دار الشرق العربي نویسنده : ابن بطوطة جلد : 1 صفحه : 284