نام کتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت نویسنده : ابن جبير جلد : 1 صفحه : 112
انفصمت بواحد منهم يميل عن المطلع المبارك إلى البيت الكريم فيقع الكل لوقوعه فيشاهد الناظر لذلك مرأى يؤدي إلى الضحك.
وأما صلاتهم فلم يذكر في مضحكات الاعراب اظرف منها وذلك أنهم يستقبلون البيت الكريم فيسجدون دون ركوع وينقرون[1] بالسجود نقرا ومنهم من يسجد السجدة الواحدة ومنهم من يسجد الثنتين والثلاث والأربع ثم يرفعون رؤوسهم من الأرض قليلا وأيديهم بمسوطة عليها ويلتفتون يمينا وشمالا التفات المروع ثم يسلمون أو يقومون دون تسليم ولا جلوس للتشهد وربما تكلموا في أثناء ذلك وربما رفع أحد هم رأسه من سجوده إلى صاحبه وصاح به ووصاه بما شاء ثم عاد إلى سجدوده إلى غير ذلك من أحوالهم الغريبة.
ولا ملبس لهم سوى أزر وسخة أو جلود يستترون بها وهم مع ذلك أهل بأس ونجدة لهم القسى العربية الكبار كأنها قسى القطانين[2] لا تفارقهم في أسفارهم فمتى رحلوا إلى الزيارة هاب أعراب الطريق الممسكون للحاج مقدمهم وتجنبوا اعتراضهم وخلوا لهم عن الطريق ويصحبهم الحجاج الزائرون فيحمدون صحبتهم وعلى ما وصفنا من أحوالهم فهم أهل اعتقاد للإيمان صحيح، وذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكرهم وأثنى عليهم خيرا وقال: "علموهم الصلاة يعلموكم الدعاء"، وكفى بأن دخلوا في عموم قوله صلى الله عليه وسلم: "الإيمان يمان"، إلى غير ذلك من الأحاديث الواردة في اليمن وأهله. وذكر أن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما كان يحترم وقت طوافهم ويتحرى الدخول في جملتهم تبركا بأدعيتهم فشأنهم عجيب كله. [1] ينقرون: يسرعون في السجود. [2] القطانون: بائعو القطن.
نام کتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت نویسنده : ابن جبير جلد : 1 صفحه : 112