نام کتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت نویسنده : ابن جبير جلد : 1 صفحه : 124
سيف الإسلام
وفي ليلة الثلاثاء الثاني من الشهر مع العشي طاف الأمير مكثر بالبيت مودعا وخرج للقاء الأمير سيف الإسلام طغتكين بن أيوب اخى صلاح الدين وقدتقدم الخبر بورود من مصر منذ مدة ثم تواتر إلى أن صح وصوله إلى الينبوع[1] وأنه عرج إلى المدينة لزيارة الرسول صلى الله عليه وسلم وتقدمت أثقاله إلى الصفراء[2] والمتحدث به في وجهته قصد اليمن لاختلاف وقع فيها وفتنة حدثت من أمرائها لكن وقع في نفوس المكيين منه إيجاس خيفة واستشعار خشية فخرج هذا الأمير المذكور متلقيا مسلما وفي الحقيقة مستسلما والله تعالى يعرف السلمين خيرا.
وفي ضحوة يوم الأربعاء الثالث من الشهر المبارك المذكور كنا جلوسا بالحجر المكرم فسمعنا دبادب الأمير مكثر وأصوات نساء مكة تولون عليه فبينا نحن كذلك دخل منصرفا من لقاء الأمير سيف الإسلام المذكور وطائفا بالبيت المكرم طواف الستليم والناس قد أظهروا الاستبشار لقدومه والسرور بسلامته وقد شاع لاخبر ينزول سيف الإسلام الزاهر وضرب أبنيته فيه ومقدمته من العسكر قد وصلت اى الحر وزاحمت الأمير مكثرا في الطواف.
فبينا الناس ينظرون إليهم إذ سمعوا ضوضاء عظيمة وزعقات هائلة فما راعهم إلا الأمير سيف الإسلام داخلا من باب بني شيبة ولمعان السيوف أمامه يكاد يحول بين الأبصار وبينه والقاضي عن يمينه وزعيم الشيبيين عن يساره والمجسد قد ارتج وغص بالنظارة والوافدين والأصوات بالرعاء له ولأخيه صلاح الدين قد علت من الناس حتى صكت الأسماع وأذهلت الأذهان؛ [1] الينبوع: أراد ينبع، وهو حصن له عيون ونخيل وزروع بطريق حاج مصر "القاموس". [2] أثقال: أحماله. الصفراء: قرية فوق ينبع، وهي كثيرة المزارع والنخل، ماؤها عيون، يجري فضلها إلى ينبع.
نام کتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت نویسنده : ابن جبير جلد : 1 صفحه : 124