نام کتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت نویسنده : ابن جبير جلد : 1 صفحه : 17
رسومهم[1] عطشا وجوعا. فسألهم عن وجهتهم واستطلع ما لديهم مفاعلموه انهم قاصدون بيت الله الحرام وأنهم ركبوا البر وكابدوا مشقة صحرائية. فقال: لو وصل هؤلاء وهم قد اعستفوا[2] هذه المجاهل التي اعتسفوها وكابدوا من الشقاء ما كابدوه وبيد كل واحد منهم زنته ذهبا وفضة لوجب أن يشاركوا ولا يقطعوا عن العادة التي اجريناها لهم فالعجب ممن يسعى على مثل هؤلاء ويروم التقرب إلينا بالسعي في قطع ما اوجبناه لله عز وجل خالصا لوجهه.
ومآثر هذا السلطان ومقاصده في العدل ومقاماته في الذب عن حوزة الدين لا تحصى كثرة.
ومن الغريب أيضا في أحوال هذا البلد تصرف الناس فيه بالليل كتصرفهم بالنهار في جميع أحوالهم وهو أكثر بلاد الله مساجد حتى إن تقدير الناس لها يطفف[3] فمنهم المكثر والمقلل فالمكثر ينتهى في تقديره إلى اثني عشر ألف مسجد والمقلل ما دون ذلك لا ينضبط فمنهم من يقول ثمانية الاف ومنهم من يقول غير ذلك. وبالجملة فهي كثيرة جدا تكون منها الأربعة والخمسة في موضع وربما كانت مركبة[4] وكلها بأئمة مرتبين من قبل السلطان فمنهم من له فوق ذلك ومنهم من له دونه وهذه منقبة كبيرة من مناقب السلطان. إلى غير ذلك مما يطول ذكره من المآثر التي يضيق عنها الحصر.
ثم كان الانفصال عنها على بركة الله تعالى وحسن عونه صبيحة يوم الأحد الثامن لذي الحجة المذكور وهو الثالث لابريل فكانت مرحلتنا منه إلى موضع [1] رسومهم: أراد أجسامهم. [2] اعتسفوا: ساروا على غير هداية ولا دراية. [3] يطفف: لا يعدل. [4] مركبة: أي مسجد ومدرسة وغيرهما.
نام کتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت نویسنده : ابن جبير جلد : 1 صفحه : 17