نام کتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت نویسنده : ابن جبير جلد : 1 صفحه : 195
لهم من رحمة الله تعالى ما يحط كثيرا من أوزارهم ويسحب ذيل العفو على سوء آثارهم ويمنع القارعة[1] الصماء أن تحل بديارهم لكنهم معهم يضربون في حديد بارد ويرومون تفجير الجلامد فلا يكاد يخلو يوم من أيام جمعاتهم من واعظ يتكلم فيه فالموفق منهم لا يزال في مجلس ذكر ايامه كلها لهم في ذلك طريقة مباركة متلزمة. [1] القارعة: الداهية.
مجالس علم ووعظ
فأول من شاهدنا مجلسه منهم الشيخ الإمام رضى الدين القزويني رئيس الشافعية وفقيه المدرسة النظامية والمشار إليه بالتقديم في العلوم الأصولية حضرنا مجلسه بالمدرسة المذكورة إثر صلاة العصر من يوم الجمعة الخامس لصفر المذكور فصعد المنبر وأخذ القراء أمامه في القراءة على كراسي موضوعة فتوقوا وشوقوا وأتوا بتلاحين معجبة ونغمات محرجة[2] مطربة ثم اندفع الشيخ الإمام المذكور خطب خطبة سكون ووقار وتصرف في أفانين من العلوم من تفسير كتاب الله عز وجل وإيراد حديث رسوله صلى الله عليه وسلم والتكلم على معانيه ثم رشقته شآبيب المسائل من كل جانب فأجاب وما قصر وتقدم وما تأخر ودفعت إليه عدة رقاع فيها فجمعها جملة في يده وجعل يجاوب على كل واحدة منها وبنيذ بها إلى أن فرغ منها.
وحان المساء فنزل وافترق الجمع فكان مجلسه مجلس علم ووعظ وقورا هينا لينا ظهرت فيه البركة والسكينة ولم تقصر عن إرسال عبرتها فيه النفس المستكينة ولا سيما أخر مجلسه فإنه سرت حميا وعظه إلى النفوس حتى اطارتها خشوعا وفجرتها دموعا وبادر التائبون إليه سقوطا على يده [2] المحرجة: أراد بها المشجية.
نام کتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت نویسنده : ابن جبير جلد : 1 صفحه : 195