نام کتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت نویسنده : ابن جبير جلد : 1 صفحه : 210
بعد نصف الليل ووصلنا الموصل عند ارتفاع النهار يوم الثلاثاء الثالث والعشرين لصفر والخامس من يونيه ونزلنا بربضها في أحد الخانات بمقربة من الشط.
ذكر مدينة الموصل حرسها الله تعالى
هذه المدينة عتيقة ضخمة حصينة فخمة قد طالت صحبتها للزمن فأخذت أهبة استعدادها لحوادث الفتن قد كادت أبراجها تلتقى انتظاما لقرب مسافة بعضها من بعض وباطن الداخل منها بيوت بعضها على بعض مستديرة بجداره المطيف بالبلد كله كان قد تمكن فتحها فيه لغلظ بنيته وسعة وضعه وللمقاتلة في هذه البيوت حرز وقاية وهي من المرافق الحربية. وفي أعلى البلد قلعة عظيمة قد رص بناؤها رصا ينتظمها سور عتيق البنية مشيد البروج وتتصل بها دور السلطان وقد فصل بينهما وبين البلد شارع متسع يمتد من أعلى البلد إلى أسفله ودجلة شرقي البلد وهي متصلة بالسور وأبراجه في مائها.
وللبلدة ربض كبير فيه المساجد والحمامات والخانات والأسواق واحدث فيه بعض أمراء البلدة وكان يعرف بمجاهد الدين جامعا على شط دجلة ما أرى وضع جامع أحفل منه بناء يقصر الوصف عنه وعن تزيينه وترتيبه وكل ذلك نقش في الاجر وأما مقصورته فتذكر بمقاصير الجنة ويطيف به شبابيك حديد تتصل بها مصاطب تشرف على دجلة لا مقعد أشرف منها ولا أحسن ووصفه يطول وإنما وقع الالماع بالبعض جريا إلى الاختصار وأمامه مارستان حفيف من بناء مجاهد الدين المذكور.
وبنى أيضا داخل البلد وفي سوقه قيسارية للتجار كأنها الخان العظيم تنغلق عليها أبواب حديد وتطيف بها دكاكين وبيوت بعضها على بعض قد جلى ذلك كله في أعظم صورة من البناء المزخرف الذي لا مثيل له فما
نام کتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت نویسنده : ابن جبير جلد : 1 صفحه : 210