نام کتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت نویسنده : ابن جبير جلد : 1 صفحه : 227
فسكانها في ظلال وارفة فكل سوق منها تقيدالأبصار حسنا وستوقف المستوفز[1] تعجبا.
وأما قيساريتها فحديقة بستان نظافة وجمالا مطيفة بالجامع المكرم لا يتشوق الجالس فيها مرأى سواها ولو كان من المرائي الرياضية وأكثر حوانيتها خزائن من الخشب البديع الصنعة قد اتصل السماط خزانة واحدة وتخللتها شرف خشيبية بديعة النقش وتفتحت كلها حوانيت فجاء منظرها أجمل منظر وكل سماط منها يتصل بباب من أبواب الجامع المكرم.
وهذا الجامع من أحسن الجوامع وأجملها قد أطاف بصحنه الواسع بلاط كبير متسع مفتح كله أبوابا قصرية الحسن إلى الصحن عددها ينيف على الخمسين بابا فيستوقف الأبصار حسن منظرها وفي صحته بئران معينتان والبلاط القبلي لا مقصروة فيه فجاء ظاهر الاتساع رائق الانشراح. وقد استفرغت الصنعة القرنصية جهدها في منبره فما أرى في بلد من البلاد منبرا على شكله وغرابة صنعته واتصلت النصعة الخشبية منه إلى المحراب فتحللت صفحاته كلها حسنا على تلك الصفة الغريبة وارتفع كالتاج العظيم على المحراب وعلا حتى اتصل بسمك[2] السقف وقد قوس أعلاه وشرف بالشرف الخشبية القرنصية وهو مرصع كله بالعاج والآبنوس واتصال الترصيع من المنبر إلى المحراب مع ما يليهما من جدار القبلة دون أن يتبين بينهما انفصال فتجتلى العيون منه أبدع منظر يكون في الدنيا، وحسن هذا الجامع المكرم أكثر من أن يوصف.
ويتصل به من الجانب الغربي مدرسة للحنفية تناسب الجامع حسنا واتقان صنعة فهما في الحسن روضة تجاور أخرى وهذه المدرسة من أحفل ما شاهدناه من المدارس بناء وغربة صنعة ومن أظرف ما يلحظ فيها أن جدارها القبلي [1] المستوفز: المتهيء للوثوب. [2] السمك: الارتفاع.
نام کتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت نویسنده : ابن جبير جلد : 1 صفحه : 227