نام کتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت نویسنده : ابن جبير جلد : 1 صفحه : 272
أمرا عجيبا وذلك أن صلاح الدين عند منازلته حصن الكرك المتقدم الذكر في هذا التاريخ قصد إليه الإفرنج في جميعهم وقد تأبوا من كل أوب وراموا أن يسبقوه إلى موضع الماء ويقطعوا عنه الميرة من بلاد المسلمين فصمداليهم وأقلع عن الحصن بجملته وسبقهم إلى موضع الماء فحادوا عن طريقه وسلكوا طريقا وعرا ذهب فيه أكثر دوابهم وتوجهوا إلى حصن الكرك المذكور وقد سد عليهم بنيات الطرق القاصدة إلى بلادهم ولم يبق لهم إلا طريق عن الحصن يأخذ على الصحراء ويبعد مداه عليهم بتحليق[1] يعترض فيه. فاهتبل[2] صلاح الدين في بلادهم الغرة وانتهز الفرصة وقصد قصدها عن الطريق القاصدة فدهم مدينة نابلوس وهجمها بعسكره فاستولى عليها وسبى كل من فيها وأخذ إليها حصونا وضياعا وامتلأت أيدي المسلمين سبيا لا يحصى عدده من الإفرنج ومن فرقة من اليهود تعرف بالسمرة منسوبة إلى السامري وانبسط فيهم القتل الذريع وحصل المسلمون منها على غنائم يضيق الحصر عنها إلى ما اكتفت[3] من الامتعة والذخائر والأسباب والأثاث إلى النعم والكراع[4] إلى غير ذلك. وكان من فعل هذا السلطان الموفق أن اطلق أيدي المسلمين على جميع ما اجتازته وسلم لهم ذلك فحتازت كل يد ما حوت وامتلأت غنى ويسارا وعفى الجيش على رسوم تلك الجهات التي مر عليها من بلاد الفرنج وآبوا غانمين فائزين بالسلامة والغنيمة والإياب وتخلصوا من أسرى المسلمين عددا كثيرا وكانت غزوة لم يسمع يمثلها في البلاد.
وخرجنا نحن من دمشق وأوائل المسلمين قد طرقوا بالغنائم كل بما احتواه وحصلت يده عليه وكان مبلغ السبي الافا لم تتحقق احصاءها ولحق السلطان [1] التحليق: السير في طريق دائري. [2] اهتبل: اغتنم. [3] اكتفت: أخذ. [4] الكراع: الخيل والبغال والحمير.
نام کتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت نویسنده : ابن جبير جلد : 1 صفحه : 272