نام کتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت نویسنده : ابن جبير جلد : 1 صفحه : 36
النيل وبشطه قديمة الاختطاط عتيقة الوضع فيها مسجد ذي النون المصري ومسجد داود أحد الصالحين المشتهرين بالخير والزهادة وهما مسجدان موسومان بالبركة دخلنا إليهما متبركين بالصلاة فيهما وذلك يوم السبت التاسع عشر المحرم المذكور.
وبهذه المدينة المذكورة اثار ومصانع من بنيان القبط وكنائس معمورة إلى الآن بالمعاهدين من نصارى القبط. ومن أعجب الهياكل المتحدث بغرائبها في الدنيا هيكل عظيم في شرقي المدينة المذكورة وتحت سورها طوله مائتا ذراع وشعرون ذراعا وسعته مائة وستون ذراعا يعرف عند أهل هذه الجهة بالبربا[1] وكذلك يعرف كل هيكل عندهم وكل مصنع قديم. قد قام هذا الهيكل العظيم على أربعين سارية حاشى حيطانه دور كل سارية منها خمسون شبرا وبين كل سارية وسارية ثلاثون شبرا ورؤوسها في نهاية من العظم والاتقان قد نحتت نحتا غريبا فجاءت مركنة[2] بديعة الشكل كأن الخراطين تناولوها وهي كلها مرقشة بأنواع الاصبغة اللازوردية[3] وسواها. والسوارى كلها منقوشة من أسفلها إلى أعلاها وقد انتصب على رأس كل سارية منها إلى راس صاحبتها التي تليها لوح عظيم من الحجر المنحوت من أعظمها ما كلنا فيه ستة وخسمين شبرا طولا وعشرة أشبار عرضا وثمانية أشبار ارتفاعا. وسقف هذا الهيكل كله من ألواح الحجارة المنتظمة ببديع الالصاق فجاءت كأنها فرش واحد وقد انتظمت جميعه التصاوير البديعة والاصبغة الغريبة حتى يخيل للناظر فيها أنها سقف من الخشب المنقوش.
والتصاوير على أنواع في كل بلاط من بلاطاته فمنها ما قد جللته طيور بصور رائقة باسطة اجنحتها توهم الناظر إليها أنها تهم بالطيران ومنها ما [1] البربا: كلمة مصرية قديمة معناها المقبرة. [2] مرمنة: ذات أركان. [3] اللازردية: الزرقاء في خضرة.
نام کتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت نویسنده : ابن جبير جلد : 1 صفحه : 36