نام کتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت نویسنده : ابن جبير جلد : 1 صفحه : 58
جدة وبهذا الموضع المذكور بئر معينة عذبة والحاج بسبها لا يحتاجون إلى تزوج الماء غير ليلة اسرائهم إليه. فأقمنا بياض يوم الأربعاء المذكور مريحين بالقرين فلما حان العشى رحنا منه محرمين بعمرة فأسرينا ليلتنا تلك فكان روصولنا مع الفجر إلى قريب الحزم فنزلنا مرتقبين لانتشار الضوء.
ودخلنا مكة حرسها الله في الساعة الأولى من يوم الخميس الثالث عشر لربيع المذكور وهو الرابع من شهر أغشت على باب العمرة وكان إسراؤنا تلك الليلة المذكورة والقمر قد ألقى على السيطه شعاعه والليل قد كف عنا قناعه الأصوات تصك الأذان بالتلبية من كل مكان الألسنة تصج بالدعاء وتبتهل إلى الله بالرعباء فتارة تشتد بالتلبية وآونة تتضرع بالأدعية فيالها ليلة كانت في الحسن بيضة العقر[1]، فهي عروس ليالي العمر وبكر بنيات الدهر. إلى أن وصلنا في الساعة المذكورة من اليوم المذكور حرم الله العظيم ومبوأ[2] الخليل إبراهيم فألفينا الكعبة البيت الحرام عروسا مجلوة مزفوفة إلى جنة الرضوان محفوفة بوفود الرحمن فطفنا طواف القدوم ثم صلينا بالمقام الكريم وتعلقنا بأستار الكعبة عند المتلزم وهو بين الحجر الأسود والباب وهو موضع استجابة الدعوة ودخلنا قبة زمزم وشربنا من مائها وهو لما شرب له كما قال صلى الله عليه وسلم ثم سعينا بين الصفا والمروة ثم حلقنا وأحللنا فالحمد لله لذي كرمنا بالوفادة عليه وجعلنا ممن انتهت الدعوة الإبراهيمية[3] إليه وهو حسنا ونعم الوكيل.
وكان نزولنا فيها بدار تعرف بالنسبة إلى الحلال قريبا من الحرم ومن باب السدة أحد أبوابه في حجرة كثيرة المرافق المسكنية مشرفة على الحرم وعلى الكعبة المقدسة. [1] أي لا مثيل لها. [2] المبوأ: المنزل. [3] أراد بالدعوة الإبراهمية الإسلام، نسبة إلى إبراهيم الخليل.
نام کتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت نویسنده : ابن جبير جلد : 1 صفحه : 58