نام کتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت نویسنده : ابن جبير جلد : 1 صفحه : 74
وفي هذا التاريخ أعلمنا بأن كتابه وصل إلى الأمير مكثر وأهم فصوله التوصية بالحاج والتأكيد في مبرتهم وتأنيقهم ورفع أيدي الاعتداء عنهم والإيعاز في ذلك إلى الخدام والأتباع والأوزاع[1] وقال إنه إنما نحن وأنت متقلبون في بركة الحاج فتأمل هذا المنزع الشريف والمقصد الكريم. وإحسان الله يتضاعف إلى من أحسن إلى عباده واعتناؤه الكريم موصول لمن جعل همته الاعتناء بهم والله عز وجل كفيل بجزاء المحسنين إنه ولى ذلك لا رب سواه.
وفي أثناء الخطبة تركز الرايتان السوداوان في أول درجة من المنبر ويمسكهما رجلان من المؤذنين وفي جانبي باب المنبر حلقتان تلقى الرايتان فيهما مركوزتين فإذا فرغ من الصلاة خرج والرايتان عن يمينه وشماله والفرقعة أمامه على الصفة التي دخل عليها كأن ذلك أيضا إيذان بانصراف الخطيب والفراغ من الصلاة ثم اعيد المنبر إلى موضعه بإزاء المقام.
وليلة أهل هلال الشهر المذكور وهو جمادي الأولى بكر أمير مكة مكثر المذكور في صبيحتها إلى الحرم الكريم مع طلوع الشمس وقواده يحفون به والقراء يقرأون أمامه فدخل على باب النبي صلى الله عليه وسلم ورجاله السودان الذين يعرفونهم بالحرابة يطوفون أمامه وبأيديهم الحراب. وهو في هيئة اختصار[2] عليه السكينة والوقار وسمت سلفه الكريم رضى الله عنهم لابسا ثوب بياض متقلدا سيفا مختصرا متعمما بكرزية[3] صوف بيضاء رقيقة، فلما انتهى بإزاء المقام الكريم وقف وبسط له وطاء كتان فصلى ركعتين ثم تقدم إلى الحجر الأسود فقبله وشرع في الطواف وقد علا في قبة زمزم صبي هو أخو المؤذن الزمزمي هو أول المؤذنين أذانا به [1] الأوزاع: الجماعات، ويريد هنا الأتباع. [2] هيئة اختصار: في غير زينة. [3] الكرزية: نوع من العمائم.
نام کتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت نویسنده : ابن جبير جلد : 1 صفحه : 74