شلب
من بلاد الأندلس، وهي قاعدة كورة أكشونبة، وهي مدينة بقبلي مدينة ياجة، ولها بسائط فسيحة، وبطائح عريضة؛ ولها جبل عظيم منيف، كثير المسارح والمياه، واكثر ما ينبت فيه شجر التفاح العجيب، يتضوع منه روائح المود.
وعليها سور حصين، ولها غلات وجنات، وشرب أهلها من واديها الجاري إليها من جهة جنوبها، وعليه أرحاء البلد، والبحر منها في الغرب على ثلاثة أميالٍ، ولها مرسىً في الوادي وبها الإنشاء، والعود بجبالها كثير، يحمل منها إلى كل الجهات؛ والمدينة في ذاتها حسنة الهيئة، بديعة البناء، مرتبة الأسواق، وأهلها وسكان قراها عرب من اليمن وغيرها، وكلامهم بالعربية الصريحة، وهم فصحاء يقولون الشعر، وهم نبلاء خاصتهم وعامتهم؛ وأهل بوادي هذه البلدة في غاية الكرم، لا يجاريهم فيه أحد. ومن شلب إلى بطليوس ثلاث مراحل، ومن شلب إلى مارتلة أربعة أيام.
وفي سنة 585 في ربيع الآخر منها، نازل ابن الرنق صاحب قلمرية وما يليها من غرب الأندلس مدينة شلب هذه، فلم يزل محاصراً لها إلى أن ضاق أهلها بالحصار، فخافوا الغلية عليهم، فصالحوهم على أن يخرجوا سالمين في أنفسهم، ويتركوا البلد بجميع ما فيه من أموالهم وأثاثهم، فأجابهم على ذلك، ووفي لهم بما صالحهم عليه، ودخلها في الموفى عشرين من رجب هذه السنة، وبلغ أمر شلب إلى صاحب المغرب والأندلس، المنصور يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن، فامتعض من ذلك