وكان قدم قرطبة أيام الأمير محمد قوم من وجوه المضرية واليمانية بتدمير، فسألوهم عن هذا الفحص فذكروا فضله ونمو ما يزدرع فيه فأكثروا وقالوا: إن الحبة تتفرع من أصلها ثلاثمائة قصبة! فأنكر ذلك بعضهم، فكذبه، فوجهوا رسولاً أمروه بإغراء اليقين، وبحمل أصولٍ من ذلك الزرع فأحضرها، فأحصى في كل أصلٍ ثلاثمائة قصبة وأكثر، في كل قصبة سنبلة.
وبقرية تازة، من قرى لورقة، عين تخرج من حجرٍ صلد، تجري في قناةٍ منقورةٍ في الحجر، عمقها أكثر من قامة، نحو ميلين، ثم يتصل الماء بنقبٍ من الحجر الصلد، ومناهد مفتوحةٍ إلى أعلى المنافس للهواء، ثم يفضى إلى بيتٍ في داخل الجبل ظليم مملوء ماء، والجبل كله مغتمد له على أرجلٍ، ومن دخل إليه لا يعلم ما وراء تلك الأرجل.
لوشة
بالأندلس من أقاليم إلبيرة، بينهما ثلاثون ميلاً، وبها جبل فيه غار يصعد إليه، وعلى فمه شجرة، وهو في حجرٍ صلدٍ، عمقه نحو قامتين، فيه أربعة نفر موتى لا يعلم أول أمرهم ولا وقت موتهم، يذكر الأبناء عن الآباء أنهم ألفوهم هكذا، إلا أن الملوك والولاة لم يزالوا يراعون أمورهم، ويتعهدون تجديد أكفانهم، ولا توضع عليه إلا بعد أن يقطع فيها قطوع كثيرة لئلا يطمع الفسقة فيخلعونها عنهم.
وهو غار موحش مظلم مرهب، لا يدخله إلا رابط الجاش جرئ النفس.
وكان صاحب بياسة عبد الله المعروف بالبياسى من بني عبد المؤمن، لما ضايقه