فوجه إليه الملك الناصر محمد بن يعقوب المنصور بن يوسف بن عبد المؤمن بن علي، فاجتمعا بدانية، فعرض كل واحدٍ منهما من أسند إليه، فكان الفريقان ألفى فارسٍ ومائتى فارس، والرماة سبعمائة، والرجالة خمسة عشر ألفاً، غير غزاة القطع؛ وكان الأسطول ثلاثمائة جفن، منها سبعون غراباً، وثلاثون طريدة، وخمسون مركباً كباراً، وسائرها قوارب منوعة؛ وأما العدد والسلاح والمجانيق والسلالم والمساحى الفؤوس والمعاول والرقائق والحبال فشئ لا يأخذه عدد، وكذلك الدروع والسيوف والرماح والبيضات والأتراس والدرق والقسى وصناديق النشاب وجملة وافرة من الطعام؛ فصلوا الجمعية بيابسة، وأقلعوا غدوة السبت الرابع والعشرين من ذي الحجة مكمل سنة 599؛ فأتو ميورقة ونزلوا، وتقرب العسكر من المدينة، ودار الأسطول بالمرسى مع السيد أبي العلى.
وخرج إليهم عبد الله بجموعه، وفنشبوا في القتال، ودافعوا كل الدفاع، وآخر ذلك انهزم ثم صرع فقتل، وغلق باب المدينة فأحاطت بها الرماة وغزاة البحر، فتغلبوا عليها فدخلت ونهبت ولم يسلم إلا قصبتها؛ ودخل السيد أبو العلي وأبو سعيد البلد ورأس عبد الله معهما على قناةٍ بيد رجلٍ غزى كان قطعه، فيها الناس عن النهب وأمرا بضرب عنق رجلٍ فعل ذلك وخالف النهى، وطيف برأسه وأمنا الناس، ونودي بالأمن في الأزقة والقصبة، فخرج الناس وأمنوا، وكتبا إلى الملك الناصر بالفتح.
وكان السبب في التوجيه إلى ميورقة أن المنصور يعقوب كان وجه إلى صاحب ميورقة على بن إسحق بن محمد بن غانية يستدعي بيعته، فأنف من ذلك وأساء الرد