بنوا على شرقيه قيوين، فأعلاهما هناك ظاهر إلى اليوم، والجدر الباقية حواليه، واتخذوا على ذلك الماء قريةً كثيرة الزيتون والأشجار وضروب الثمار، يسقى جميعها من هذا الماء، تعرف بقرية الحمة، وما فضل عن سقى هذه القرية يجتمع أسفلها في صهريجٍ عظيمٍ من بناء الأول أيضاً، فإذا تكامل فيه الماء سرب إلى قريةٍ متخذةٍ تسمى آبله، فسقيت بذلك الماء.
وبجوفي مدينة بجانة حمة أخرى أغزر من الحمة الأولى، أنجع في الأسقام، وأصلح للأبدان، وهم يزعمون أن جرى الأولى على الكبريت، وجرى هذه على النحاس؛ وتذكر الأعاجم أن ملك تدمير وملك ريه في غابر الدهر خطبا ابنة ملك أرش اليمن وما يليه، فشرطت ابنة الملك أن من بلغ ماء إحدى الحمتين حتى يدخله في دار سكنى أبيها وكان في موضع مدينة بجانة اليوم أنه أحق ببضعها؛ فجد كل واحدٍ منهما في ذلك وجهد جهده، وبنيا قنى يجلبون الماء فيها، فاعترض صاحب الحمة الجوفية خندق، ولم يكن بد من بناء قناطر عليه، فشغله ذلك حتى بلغ صاحب الحمة الشرقية ماءه، فزوجه الملك ابنته؛ وأثر ما حاولاه من ذلك باقٍ في الجانبين إلى اليوم؛ وبين بجانة والمرية خمسة أميال أو ستة أميال.
بربشتر
هي مدينة من بلاد بريطانية بالأندلس، وهي حصن على نهرٍ مخرجه من عين قريبةٍ منها، وبربشتر من أمهات مدن الثغر الفائقة في الحصانة والامتناع، وقد