وكان الروم تغلبوا على بلنسية قديماً، ثم أحرقوها عند خروجهم منها سنة495، فقال أبو إسحاق إبراهيم بن أبي الفتح بن خفاجة كامل:
عاثت بساحتك الظبى يادار ... ومحا محاسنك البلى والنار
فإذا تردد في جنابك ناظر ... طال اعتبار فيك واستعبار
أرض تقاذفت النوى بقطينها ... وتمخضت بخرابها الأقدار
فجعلت أنشد خير سادة أهلها ... لا أنت أنت ولا الديار ديار
وقال الأستاذ أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن خلصة البلنسى بسيط:
وروضة زرتها للانس مبتغياً ... فأوحشتنى لذكرى سادةٍ هلكوا
تغيرت بعدهم خرباً وحق لها ... مكان نوارها أن ينبت الحسك
لو أنها نطقت قالت لفقدهم ... بأن الخليط ولم يرثوا لمن تركوا
ثم في سنة 630، ملك الروم بلنسية صلحاً، واستولى عليها ملك أرغون جاقمه، وأكثر أدباؤها بكاؤها، والتأسف عليها نظماً ونثراً؛ فمن ذلك قول الكاتب أبي المطرف ابن عميرة، خاطب به الكاتب أبا عبد الله بن الأبار، جواباً عن رسالةٍ: طارحنى حديث موردٍ جف، وقطينٍ خف؛ فيا لله لأترابٍ درجوا، وأصحاب عن الأمطان خرجوا؛ قصت الأجنحة وقيل: طيروا، وإنما هو القتل أو الأسر أو تسيروا؛ فتفرقوا أيدي سبا، وانتشروا ملء الوهاد والربا؛ ففي كل جانبٍ عويل وزفره، وبكل صدرٍ غليل وحسره؛ ولكل عينٍ عبره، لا ترقأ من أجلها عبره؛