وعدتني وعداً وقربته ... تقريب من يثنى بإنجاز
حتى إذا قلت انقضت حاجتي ... رميت بي من جرف مواز
جليقية
الجلالقة من ولد يافت بن نوح عليه السلام، وهو الأصغر من ولد نوح، وبلدهم جليقية وهي التي تلي المغرب، وتنحرف إلى الجوف، وكانوا حوالي مدينة براقرة التي في وسط الغرب، وبراقرة هذه أولية من بنيان الروم، وقواعدهم ودور مملكتهم شبيهة بماردة في إتقان بنائها وصنعة أسوارها، وهي اليوم مهدومة الأكثر خالية، هدمها المسلمون وأجلوا أهلها.
وبلد الجليقيين سهل، والغالب على أرضهم الرمل، وأكثر أقواتهم الدخن والذرة ومعولهم في الأشربة على شراب التفاح وأنيشكه، وهو شراب يتخذ من الدقيق، وأهلها أهل غدرٍ ودناة أخلاقٍ، لا يتنظفون ولا يغتسلون في العام إلا مرةً أو مرتين بالماء البارد، ولا يغسلون ثيابهم منذ يلبسونها إلى أن تنقطع عليهم، ويزعمون أن الوضر الذي يعلوها من عرقهم به تتنعم أجسامهم، وتصلح أبدانهم، وثيابهم أضيق الثباب، وهي مفرجة تبدو من تفاريجها أكثر أبدانهم، وفيهم بأس شديد، لا يرون الفرار عند اللقاء، بل يرون الموت دونه.