واليمن، وذلك أن جبل السراة وهو أعظم جبال العرب وأذكرها أقبل من قعرة اليمن حتى بلغ أطراف بوادي الشام فسمته العرب حجازاً لأنه حجز بين الغور وهو هابط وبين نجد وهو ظاهر فصار ما خلف ذلك الجبل في غربيه إلى أسياف البحر من بلاد الأشعريين وعكٍّ وحكم وكنانة وغيرها ودونها إلى ذات عرق والجحفة وما صاقبها، وغار من أرضها - الغور غور تهامة وتهامة تجمع ذلك كله. وصار ما دون ذلك الجبل من شرقيه من صحاري نجد إلى أطراف العراق والسماوة وما يليها نجداً، ونجد تجمع ذلك كله. وصار الجبل نفسه سراته وهو الحجاز، وفي رواية الجر والجرّ سفح الجبل. قال قيس بن الخطيم:
سل المرء عبد الله بالجرِّ هل رأى ... كتائبنا في الحرب كيف مصاعها
وصار ما احتجز به في شرقيه من الجبال وانحدر إلى ناحية فيد وجبلي طيّءٍ إلى المدينة وراجعاً إلى أرض مذحج من تثليث وما دونها إلى ناحية فيد، حجاز، فالعرب تسميه نجداً وجلساً وحجازاً والحجاز يجمع ذلك كله. وصارت بلاد اليمامة والبحرين وما والاها العروض وفيها نجد وغور لقربها من البحار وانخفاض مواضع منها، ومسايل أودية فيها والعروض يجمع ذلك كله. وصار ما خلف تثليث وما قاربها إلى صنعاء وما والاها إلى حضرموت والشِّحر وعُمان وما يليها اليمن، وفيها التهائم والنجد واليمن تجمع ذلك كله. قال أبو محمد: وتأييد ذلك في جميع اليمن لهذه المواضع كتب العهود من الخلائف لولاة صنعاء اليمن ومخاليفها وعكّ وعُمان وحضرموت يريد بعك أرض تهامة، وكان سعيد بن المسّيب يقول: إن الله تبارك وتعالى لما خلق الأرض مادت بأهلها، فضربها بهذا الجبل، يعني السراة، ومبدؤه من اليمن حتى بلغ الشام فقطعته الأودية حتى انتهى إلى نخلة فكان منها حيص ويسوم ويسميان يسومين، كما يقال القمران في الشمس والقمر والعمران في أبي بكر وعمر قال الراجز: