responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مثير الغرام الساكن إلى أشرف الأماكن - ط دار الحديث نویسنده : ابن الجوزي    جلد : 1  صفحه : 163
بَابٌ الْإِشَارَةُ فِي الْإِحْرَامِ وَالتَّلْبِيَةُ وَأَفْعَالُ الْحَجِّ
يَنْبَغِي لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَتَصَوَّرَ عِنْدَ إِحْرَامِهِ إِجَابَةَ الدَّاعِي، وَعِنْدَ تَجَرُّدِهِ مِنَ الْمَخِيطِ لُبْسَ الْكَفَنِ، وَعِنْدَ التَّلْبِيَةِ نِدَاءَ الْحَقِّ.
وَمَنْ تَلَمَّحَ الْعِبَادَاتِ بِعَيْنِ الْتَفَهُّمِ عَلَى أَنَّهَا مُلازَمَةُ رَسْمٍ يَدُلُّ عَلَى بَاطِنٍ، مَقْصُودُهُ تَزْكِيَّةُ النَّفْسِ، وَإِصْلاحُ الْقَلْبِ؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ التَّعَبُّدِ هُوَ صَرْفُ الْقَلْبِ إِلَى الرَّبِّ، فَلَمَّا كَانَ طَبْعُ الْآدَمِيِّ يَنْبُو عَنِ التَّعَبُّدِ شُغُلا بِالْهَوَى، وُظِّفَتْ وَظَائِفَ تُدَرِّجُهُ لِيَتَرَقَّى مِنَ الْفَرَائِضِ إِلَى الْفَضَائِلِ، وَاعْتَبَرَ جَمِيعَ الْعِبَادَاتِ، مِنْهَا الْحَجُّ، فَإِنَّهُ إِنَّمَا وُظِّفَتْ لِلتَدْرِيجِ إِلَى حَمْلِ الْمَشَاقِّ، فَنَبَّهَ الْمُسَافِرَ عِنْدَ تَرْكِ الْأَهْلِ عَلَى قَطْعِ الْعَلائِقِ الشَّاغِلَةِ لِيَتَفَرَّدَ بِخِدْمَةِ الْحَقِّ.
فَتَفَكَّرْ فِي ذَلِكَ وَانْظُرْ بِأَيِّ بَدَنٍ تَقْصِدُهُ، وَبِأَيِّ بَاطِنٍ تَحْضُرُ، فَإِنَّهُ لا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ، وَإِذَا أَمَرَكَ الْحَزْمُ بِإِكْثَارِ الزَّادِ خَوْفَ الْعَوَذِ، فَاعْلَمْ أَنَّ سَفَرَ الْقِيَامَةِ أَطْوَلُ، وَعَطَشَ الْمَحْشَرِ أَقْطَعُ، وَتَذَكَّرْ بِقَطْعِ الْعِقَابِ الْأَهَوَالَ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَبِالْمَوْقِفِ مَوْقِفَ الْقِيَامَةِ، وَبِالتَّعَلُّقِ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ تَمَسُّكَ الْمُذْنِبِ بِذَيْلِ الْمَالِكِ، وَبِالسَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ الْفِرَارَ مِنْهُ إِلَيْهِ.
وَعَلَى هَذَا كَانَ حَجُّ الصَّالِحِينَ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا تَخَايَلُوا هَذِهِ الْأَشْيَاءَ تَجَدَّدَ لَهُمُ الْقَلَقُ، هَيْبَةً لِلْمَخْدُومِ، وَخَوْفًا مِنَ الرَّدِّ.

نام کتاب : مثير الغرام الساكن إلى أشرف الأماكن - ط دار الحديث نویسنده : ابن الجوزي    جلد : 1  صفحه : 163
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست