responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مثير الغرام الساكن إلى أشرف الأماكن - ط دار الحديث نویسنده : ابن الجوزي    جلد : 1  صفحه : 434
بَابُ ذِكْرِ الْمُجَاوَرَةِ بِمَكَّةَ
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُجَاوَرَةِ بِمَكَّةَ، فَكَرِهَهَا أَبُو حَنِيفَةَ، وَلَمْ يَكْرَهْهَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلَ فِي خَلْقٍ كَثِيرٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ بَلِ اسْتَحَبُّوهَا.
فَمَنْ كَرِهَهَا فَلأَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: خَوْفُ الْمَلَلِ.
وَالثَّانِي: قِلَّةُ الاحْتِرَامِ، لِمُدَاوَمَةِ الأُنْسِ بِالْمَكَانِ.
وَالثَّالِثُ: لِيَهِيجَ الشَّوْقُ بِالْمُفَارَقَةِ فَيَنْشَأَ دَاعِيَةُ الْعَوْدِ، فَإِنَّ تَعَلُّقَ الْقَلْبِ بِالْكَعْبَةِ وَالإِنْسَانُ فِي بَيْتِهِ، خَيْرٌ مِنْ تَعَلُّقِ الْقَلْبِ بِالْبَيْتِ وَالإِنْسَانُ عِنْدَ الْكَعْبَةِ.
وَالرَّابِعُ: خَوْفُ ارْتِكَابِ الذُّنُوبِ هُنَاكَ، فَإِنَّ الْخَطَأَ ثَمَّ لَيْسَ كَالْخَطَأِ فِي غَيْرِهِ؛ لأَنَّ الْمَعْصِيَةَ تَتَضَاعَفُ عُقُوبَتُهَا إِمَّا لِكَثْرَةِ عِلْمِ فَاعِلِهَا، فَلَيْسَ عِقَابُ مَنْ يَعْلَمُ، كَمَنْ لا يَعْلَمُ، أَوْ لِشَرَفِ الزَّمَانِ كَالْمَعْصِيَةِ فِي رَمَضَانَ وَالطَّاعَةِ فِيهِ، وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلامُ: «عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ كِحَجَّةٍ مَعِي» .
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: تَسْبِيحَةٌ فِي رَمَضَانَ خَيْرٌ مِنْ أَلْفٍ فِي غَيْرِهِ.
أَوْ لِشَرَفِ الْمَكَانِ كَالْحَرَمِ، وَلِهَذَا الْمَعْنَى ضُوعِفَ أَجْرُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْخَيْرِ، وَتُوُعِدْنَ بِمُضَاعَفَةِ الْعِقَابِ عَلَى الشَّرِّ، بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ} [الأحزاب: 30] ، وَقَوْلِهِ: {نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ} [الأحزاب: 31] فَعَلَى هَذَا تَكُونُ الْكَرَاهَةُ لِضِعْفِ الْخَلْقِ، وَقُصُورِهِمْ عَنِ الْقِيَامِ بِحَقِّ الْمَكَانِ.
قَالَ أَبُو عَمْرٍو الزَّجَّاجِيُّ: مَنْ جَاوَرَ بِالْحَرَمِ وَقَلْبُهُ مُعَلَّقٌ بِشَيْءٍ سِوَى اللَّهِ تَعَالَى فَقَدْ أَظْهَرَ خَسَارَتَهُ.

نام کتاب : مثير الغرام الساكن إلى أشرف الأماكن - ط دار الحديث نویسنده : ابن الجوزي    جلد : 1  صفحه : 434
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست