نام کتاب : اللغة نویسنده : جوزيف فندريس جلد : 1 صفحه : 179
وذلك أن الكلمات الحقيقية تقرع الذهن أكثر من دوال النسب، والأسماء أكثر من الأفعال، والأسماء المشخصة أكثر من الأسماء المجردة, فالكلمات التي تقرع الذهن أكثر من غيرها التي توقظ على الفور صورة بصرية ولا سيما أسماء الأعلام التي تطلق على أشخاص أو أماكن "على شرط أن يكون السامع عارفا لها". قل لإنسان مثلا: "أنا ذاهب إلى فلان" أو "لم أستطع أن أذهب إلى فلان" أو "ربما ذهبت إلى فلان"، فأول صورة تمثل أمام الذهن وبشكل طبيعي في هذه الأحوال الثلاث، هي صورة تلك المدنية الصغيرة في عشها السندسي، تتدرج سقوفها الشهباء على سفوح التل. ويرى عقود الجسر الحجري تحلق على السين، وعلى ضفتيه يرى ستارا من أشجار الحور العالمية أو يلمح المنارة الشاهقة التي تسيطر على المدينة أو ذلك المنزل الذي يألفه في أحد أحيائها العتيقة. والرؤيا هنا فورية تلقائية. وبعد ذلك كله تمثل في الذهن فكرة الرحلة والتفكير فيما إذا كانت تتم أو لا تتم. فالنفي ككل ما يدل على النسبة مجردة من كل قيمة شعرية.
هذه الحقيقة لها نتائجها عند استعمال اللغة استعمالا جماليا, ومن الكتاب من لم ينتبعوا لها فوقعوا في أخطاء حقيقية فيما يختص بموسيقي الكلام, إذ لا يكفي لجعل القاريء يحس بأثر عكسي لانطباع ما، أن نلصق النفي بالكلمات التي تعبر عن هذا الانطباع. لأننا بذلك لا نقضي على الانطباع الذي نريد تجنبه، بل تثير الصورة التي نظن أننا قد أبعدناها. أراد أحد شعرائنا المعاصرين أن يصف حديقة تثقلها وطأة الشمس في ظهيرة يوم قائظ من أيام الصيف فقال:
D'ENTRE LES rameaux que meut nul essor
D'ailes et que pas une brise ne balance,
dardent de grands rayons comme des glaives d'or
"من بين الغصون التي لا تحرك خفقة واحدة من جناح".
"ولا تميل بها نفحة واحدة من رياح".
"تنبعث أشعة كبيرة كأنها سهام من ذهب".
فهذه الأبيات جديرة بأن تعطينا صورة صادقة لخفقان أجنحة الطائر.
نام کتاب : اللغة نویسنده : جوزيف فندريس جلد : 1 صفحه : 179