نام کتاب : اللغة نویسنده : جوزيف فندريس جلد : 1 صفحه : 425
يوفق بينها. فالمتكلم إنما يتكلم بجمل لا بكلمات منعزلة. والفرق الوحيد الذي يوجد بين اللغات ينحصر في مكان دوال النسبة، وفي طبيعة الرباط الذي يربط هذه الدوال بالكلمات. وهو اختلاف عرضي لا جوهري. فلا نستطيع أن نستخلص منه قاعدة لتصنيف اللغات، ومن باب أولى لا يمكننا أن نرى فيه عنصرا نقيس به مسألة التقدم اللغوي.
ولا ينبغي أن ننسى أن كل تجديد لغوي لا يمكن أن يكون إلا ضئيلا. إذ لا يوجد في الميدان اللغوي كسب دائم يوفر اللغة التي نحصل عليه ثراء نهائيا.
فالربح المكتسب عرض زائل في كل الأحوال وكثيرا ما تقابله خسائر من ناحية أخرى. لقد رأينا كيف تمكنت الفرنسية من خلق أداة استفهام لها. ولزم لهذه الأداة، كي تحيا وتشتد وتنمو، تعاون ظروف عدة كلها عرضية. ويمكننا أن نتنبا، دون أن نتعرض لخطأ كبير، بأن هذه الأداة بدورها ستفقد عن طريق التطور الطبيعي هذه التعبيرية التي تملكها الآن وتصير عديمة القيمة ثم تخرج من الاستعمال. هذا هو تاريخ كل ما تكونه اللغة. ونحن نعرف كيف نشأت أدوات الاستفهام اللاتينية، على ما لها من صلاحية وقوة في التعبير، وكما أننا نعرف أيضا كيف بادت. فعبارة Num uides "لعلك ترى؟ "، إذا نطقت بنغمة الاستفهام صارت عبارة استفهامية في حالة توقع جواب منفي "كلا" وعبارة Videsne "لا ترى؟ " إذا نطقت بنغمة الاستفهام صارت استفهامية كأنها "ألست ترى؟ " وذلك في حالة ما يكون الجواب المتوقع بالإيجاب: "بلى". وكان ذلك ربحا قيما للغة اللاتينية ولكنه لم يدم، إذ لم يلبث أن تلاشى بفعل البلى الصوتي الذي حرم ne, num من قوتهما التعبيرية. فالتقدم، إذا صح لنا أن نستعمل هذه الكلمة، لم يكن إلا عابرا.
الخسائر أيضا لا يمكن أن تفسر بافتراض التقدم. فما يؤسف له أن الفرنسية الحديثة قد صيرت الزمنين الماضيين اللذين كانت تملكهما وهما الماضي المحدد والماضي غير المحدد، زمنا واحدا. مع أن الخلاف الذي كان يفرق بينهما كان خلافا حقيقيا، وكان استعمالها يمكن القارئ من البيان عن معان دقيقة، اختفت اليوم من الوجود
نام کتاب : اللغة نویسنده : جوزيف فندريس جلد : 1 صفحه : 425