نام کتاب : بحوث ومقالات في اللغة نویسنده : رمضان عبد التواب جلد : 1 صفحه : 68
وقد أكثر النحويون والمفسرون علماء اللغة العرب، القول في تخريج هاتين الآيتين الكريمتين، فقد قال الإمام القرطبي، في تفسير الآية الأولى مثلا: " {ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ} ، أي عمي كثير وصم، بعد تبين الحق لهم بمحمد عليه السلام، فارتفع "كثير" على البدل من الواو، كما تقول: رأيت قومك ثلثيهم، وإن شئت كان على إضمار مبتدأ، أي العمي والصم كثير منهم. ويجوز أن يكون على لغة من قال: أكلوني البراغيث"[1].
كما قال في الآية الثانية: {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} ، أي تناجوا فيما بينهم بالتكذيب، ثم بين من هم، فقال: الذين ظلموا، أي الذين أشركوا، فالذين ظلموا بدل من الواو في "أسروا" وهو عائد على الناس المتقدم ذكرهم. قال المبرد: وهو كقولك: إن الذين في الدار انطلقوا بنو عبد الله، فبنو بدل من الواو في: انطلقوا. وقيل: هو رفع على الذم، أي هم الذين ظلموا. وقيل: على حذف القول، أي يقول الذين ظلموا. وقول رابع: أن يكون منصوبا بمعنى: أعنى الذين ظلموا وأجاز الفراء أن يكون خفضا بمعنى: اقترب للناس الذين ظلموا حسابهم، فهذه خمسة أقوال. وأجاز الأخفش الرفع على لغة من قال: أكلوني البراغيث، وهو حسن. وقال الكسائي: فيه تقديم وتأخير، ومجازة: والذين ظلموا أسروا النجوى"[2].
تلك هي آراء المفسرين والنحاة واللغويين العرب، في هذه الظاهرة، وهم فيها مقلبون لكل الأوجه الممكنة في العربية، من التخريج والتأويل. غير [1] تفسير القرطبي 6/ 248. [2] تفسير القرطبي 11/ 268 وانظر معاني القرآن للفراء 1/ 316.
نام کتاب : بحوث ومقالات في اللغة نویسنده : رمضان عبد التواب جلد : 1 صفحه : 68